العولمة والارهاب
مقدمة ..
الارهاب وخصوصاً منه المتعلق بالتطرف الديني او المذهبي ، هو ليس وليد الساعة ، بل قديم قِدَم الاديان .
وبعد قرون من الظلم والحروب وسفك الدماء التي تسببت بها الاديان المختلفة ، تحضرت الشعوب وهذبت من نفسها وارتقت الى مصاف الانسانية الحقيقية ، من خلال القوانين الوضعية والمدنية التي سنتها ، وأمرت بالتسامح مع الغير ، ذلك التسامح الذي اوصت به جميع الديانات وبالخصوص الدين الاسلامي .
ذلك الفن الذي ابتعد عنه المسلمون ليتخلفوا عن ركب التقدم الانساني لاقرانهم من البشر .
ولكن ما اظهر الارهاب على السطح في وقتنا هذا وتناميه وتزايده ، هو العولمة التي زادت من سرعة انتشاره بين القارات والشعوب بواسطة ماكنتها الرئيسية والحديثة ، ألا وهي تكنولوجيا المعلومات .
علاقة الارهاب بالعولمة ..
في زمن تتصاعد فيه العولمة بسرعة فائقة ، وتتناقص فيه الحدود الجغرافية والثقافية بين شعوب المعمورة ، نرى تجمعات اقليمية غاب عنها حب الاوطان ، ولا تتمسك بروح المواطنة ، بسبب تأثرها بأفكار متشددة بنيت منذ قرون على قراءة خاطئة للقرآن الكريم ، اي من دون العناية والدراية بعلم التأويل كون بعض السلف قد حرمه ، وكذلك على روايات واحاديث زائفة وملفقة عن النبي الكريم ص ، وضعها الوضاعون المحترفون عبر الزمن لاسباب كثيرة سنتطرق اليها بالتفصيل في مجال آخر .
ومن أساطين من كَتَبَ في تلك الاحاديث التي دمرت الاسلام واوصلتنا الى تلك الهاوية التي نحن فيها اليوم ، (والتي بسببها اصبح سب نبينا المصطفى ص امر تعودنا عليه ، ليس فقط من قبل بعض الاوروبيين الغير مسلمين ، بل من قبل المسلمين انفسهم) هم ابن تيمية وابن القيم والنووي .
وما زاد الطين بلة هو تبني اكبر واغنى دولتين اسلاميتين هما السعودية وايران لمشروع ظاهره جميل ، هو حفظ القرآن الكريم .
فلا يوجد لدينا دليل واحد من القرآن الكريم على وجوب حفظه على الاطلاق ، بل العكس من ذلك تماماً ، فنجد الايات الشريفة الكثيرة التي تؤكد على التدبر فيه ، وشتان ما بين التدبر والتأمل وذلك الحفظ الطوبائي .
وهنا من يسأل وما الضير في حفظه ؟
الجواب على ذلك هو : ان مشروع حفظ القرآن الكريم ، والذي هو مجرد لقلقة لسان لا علم فيها ولا روح ، قد تغول على المشروع الاساس والمنصوص عليه وهو التأمل والتدبر في القرآن الكريم .
فنرى الجهود المضنية تُبذل والاموال الكثيرة تُصرف في تلك المهرجانات والمباريات التي تقيمها تلك الدولتين الاصوليتين المتشددتين ، من اجل الحصول على المراتب العليا في جمع كؤوس الفوز في ذلك المشروع الهدّام للبشرية ، والذي ادى الى ظهور طبقات من البشر وكأنها مبرمجة الكترونياً ، لا كلام لها سوى الايات الشريفة من دون وعي ودراية بأهم عِلم ذكره القرآن الكريم الا وهو التأويل .
ذلك العلم الذي تم التعتيم عليه من قبل الكهنوت الاسلامي ، والذي عَتّموا عليه بشئ مشابه وهو التفسير اللغوي ، والذي غالباً ما يكون مغاير للتأويل الفكري .
فنشطت جماعات متشددة لا روح لها ولا عقل سوى عضلات الشريعة المغلوطة الفتاكة ، ليس في عالمنا العربي القريب ، بل وصلت فتوحاتهم الجديدة الى قلب الصين شرقاً ، التي راح فيها بعض “المواطنين” الصينيين من المسلمين يَقتُلون (بواسطة السكاكين) المارة في الشوارع من اخوانهم في المواطنة ، وهم يرددون تلك الايات الشريفة التي تعلموها من دون تأويلها الحقيقي ، من خلال آلة العولمة تكنولوجيا المعلومات ، مثل شبكات التواصل الاجتماعي والفضائيات التي تبث سمومها في كل بيت بكل حرية ، او حتى السفر لبلاد المسلمين الذي اصبح سهلاً يسيراً ومتدني الثمن .
لتتجاوز تلك الفتوحات الجديدة فتوحات الاسلاف التي وقفت عند جنوب فرنسا ، لتتجاوزها وتعبر المحيط لتصل حتى الى العالم الجديد .
وراحت تلك الفايروسات البشرية في كل مكان تدخله ، تبطش بالانسان المُكَرّم بحجة ارضاء الله تعالى من خلال ما فهموه .
وهذا هو بالضبط ما استفادت منه تلك الدولتين الاسلاميتين من اجل استعمال الدين الفتاك كورقة ضغط لاجل مصالح شخصية بحتة ، مرة مع غيرهما من دول العالم ومرات مع بعضهما البعض ، فنجد الهوة ما بين المسلمين تتزايد بسبب ذلك الشحن والتطرف ، والذي ادى الى تجميد العقول من ان تبدع في اي شئ ينفع الانسانية .
وما احتكار الدين من قبل ذلك الكهنوت الدموي الممتهن له ، الا الآلة الشديدة الربحية من اجل استمرار ذلك السرطان في جسد الامة الاسلامية .
إذن فالمجال الواسع مفتوح لكل انسان وبكل حرية ، ان يبحث ويتبصر ويتأمل في القرآن الكريم لكي يصل الى الحقيقة التي ترضي الخالق تعالى ، والتي هي خلاف ما يريد ذلك الكهنوت البشع .