كتب في قسم مقالات دينية متفرقة | تاريخ 15 مايو 2015 | الكاتب

الدجاجة التي تبيض ذهبا ،،هل تُذبح ؟

يعتبر لباس مهنة الاديان من الاعراف القديمة التي اعتاد عليها محترفوا تلك المهنة .

وفي الاونة الاخيرة وبعد بروز ظاهرة العولمة واحتلال العراق بالذات ، ظهرت حالة شاذة لدى البعض منهم ، وهي الكلام بالليبرالية والعلمانية .

نعم ان الفكر الليبرالي والعلماني ليس حكراً على احد ، لكنه بالتأكيد يتناقض مع مظهر ممتهن الدين الثيوقراطي العقيدة ، فهو عندما لبس تلك العمة والجبة والسلهام الفضفاض ، انما كان يرجوا ان يسموا بعلوم الشريعة السماوية ، ليصل بها الى مراحل متقدمة .

وغالباً ما يكون مثله الاعلى هو مرجع الامة ، فتجده يحلم بذلك اليوم الذي يصبح فيه حبراً اعظماً يقدسه الناس وتنفتح عليه ابواب السماء في الرزق والجاه والسلطة والجبروت ، فتراه يقلد من حيث لا يشعر ذلك المرجع في كل شئ ، في لبسه ومشيته وكلامه الخ.

ولكن وبعد ان يتقدم في السن قليلاً ويواجه الحقيقة والواقع ، ويرى ان ذلك المقام الذي يتمتع به حبره الاعظم ، يتنافس عليه مئات الالاف من طلبة العلوم الدينية ، يعني الوصول الى مرتبته ضرب من المستحيل .

مع كثرة انتشار الفضائيات العربية وتنافسها على كل ما هو شاذ وجديد ، وبالتالي مشوّق للمشاهد العربي ، بدأت بأغراء تلك الثلة ممن فشل في الوصول الى مبتغاه بأن يتكلم خلاف المألوف .

لذلك رأينا تلك الجيوش الجرارة ممن لبس العمم بيضها وسودها ، تخرج من جحورها شاهرة لباسها ملبية دعوات الداعي ، عارضة سلعتها البائسة بارخص الاثمان .

اي عندما نرى معمماً ملتحياً وهو يتكلم بمبادئ غريبة عن دين الاسلام المحمدي ومجتمعاته كالعلمانية والليبرالية،

نتعجب كثيراً ونتشوق لسماع المزيد ، لذلك اغدقت تلك الفضائيات ومن وراءها من دول ، العطاء الجزيل والشهرة لذلك المعمم مقابل كلام شاذ وغير مألوف يطرحه من خلال شاشاتها ، وجندت الدول ذات العلاقة المزيد من امثاله حتى اغرقوا السوق بتلك السلعة !

لذلك نجد اليوم ان تلك الظاهرة تضائلت بشكل ملحوظ ، وابطالها بعدما استهلوا ركنوا جانباً ، واحيلوا الى تغريدات تويتر والفيس واليوتيوب الرخيص الثمن ، بدلاً من البث الحي الباهض الثمن ،

اي كما يقول المثل السوري الشعبي (عَلكْ وتفْ) .

ليتشجع ذلك المعمم “العلماني” ويكتشف في داخله حقداً دفيناً سببه الحسد الشديد على من كان يوماً مثله الاعلى، ويبدأ بالتطاول عليه وعلى كل ما تعلمه في تلك المدرسة ، ولكن بطرق واساليب التورية او ما يسمى عند العراقيين بفن الحسچة .

وهنا السؤال وبيت القصيد وهو لماذا لا يخلع هذا المتذمر والناقم على مدرسته الدينية لباسه ذلك ، ويستبدله باللباس المدني الذي يتماشى مع ما يطرحه من افكار ؟

اظن ان الجواب واضح من خلال تلك المقدمة وهو ان من اوصله للجاه هو ذلك اللباس الذي يحتقره هو ، وبدونه لا يجد من يدفع له ، كون لا وجود لمن يستمع له .

إذن فالعمة والجلباب هم من يتكلما وليس هو .

اتذكر في يوم من الايام كنا مدعويين انا واحد اولائك المعممين “العلمانيين” عند أحد الوجهاء من اهالي مدينة السليمانية لتناول العشاء ، مجرد ما ان دخلنا الى دار ذلك الوجيه تعلقت (خاچية) ذلك المعمم اي سلهامه ، بشوك ورد الجوري الذي كان يملئ مدخل حديقة الدار ، وتمزقت خيوط تلك الخاچية ، ليضحك المعمم ويقول لي :

الله يرحم أبوية كان يقول “المومن (اي المعمم) كلشيته مو مال اوادم ، اول شئ لبسه” .

ولكن ابوه المسكين رحمه الله توفى قبل ان يدرك تلك العولمة التي بسببها تحول ذلك اللباس الشاذ الى الدجاجة التي تبيض لمن يلبسه ذهبا .

اذا كان قد إنتقص ذلك المعمم “العلماني” من الاسلام عن طريق التورية ، فقد خرج لنا معمماً آخر ، اباحياً فاضحاً يُكَذّب الدين كله ، ويشكك في الرسالة والرسول ص ، ومع ذلك نحن لا نقاطعهم كما قاطعنا الاجبان الدانيماركية والهولندية !

أترك تعليقك