التشيع السياسي و”القاعدة”.. وجهان لعملة واحدة
التشيع السياسي و”القاعدة” هما في الواقع افراز هجيني للمذهبين السني والشيعي، وهناك من التشابه الكبير فيما بينهما لدرجة انهما يصِلان الى التحالف في بعض المواطن، على الرغم من أن العداء والقتال فيما بينهما على اشده، فالاثنان يحاربان التصوف السلمي والانساني الذي محوره حب جميع البشر ولا فرق بين الاديان والاجناس، بل ويحبون حتى الحيوان، وكذلك الاثنان مبنيان على مبادئ توأمة، ظاهرها هو العداء الشديد والعلني لامريكا ولاسرائيل ولاوروبا والعالم المتقدم باسره، وكراهية الاديان الاخرى على الرغم ما يدعونه من الاتزام بالقرأن الكريم (لا اكراه في الدين) و(لكم دينكم ولي دين) ومحاربتهما لهم جميعاً، فالكوري هو هدف والياباني هدف، والبرازيلي هدف، وحتى التركي هدف، بل وكل ما ينتمي للبشرية فإن لم يكن معهم فهو هدف لسهامهم، وكل ذلك رأيناه متجسداً في العراق بعد التغيير، وهنا يمكن تعريفهما بالجناح العسكري للمذهبين، فعندما يتشدد السني ويسمو في ذلك التشدد نراه يقترب فكرياً من القاعدة، فيصبح فظاً غليظاً، انتحرت فيه البسمة الى الابد، وان تراه يوماً ضاحكاً، والعياذ بالله، فهذا حرام، فهو لا يتكلم إلا بالعربية الفصحى، وجل كلامه يصبح روايات واساطير من الماضي السحيق تشم منها الكراهية والغيظ على الآخر، لانه يكره نفسه فكيف نتوقع منه حب الآخرين، لذلك تكون الخطوة الاولى في مسيرته الجهادية هي تكفير الآخر، سواء لغير المسلمين او المسلمين المخالفين لرأيه من الشيعة او الغالبية العظمى المعتدلة من السنة، وتراه منهمكا دوماً ب
على اخراج الروايات التي تؤيدي إلى التفرقة وبث روح الكراهية للآخر، ومع شديد الاسف، كُل هذه الترهات تنسب الى الرسول الكريم (ص) وصحابته الابرار(رض)، وتراه يتحسر على كل شيء ماضٍ، ويكره الحاضر ويكره التقدم والمدنية، وتراه يلبس كأنه ممثل في فلم من افلام الرسالة المحمدية، الثوب الابيض وغطاء الرأس وما شاكل ذلك، علماً بأن هناك حديث شريف يقول (خير لباس لباس اهل زمانه) وان لم يتمكن بسبب ارتباطه بعملٍ او وظيفة ما، فمن الضروري ان يكون لباسه العصري رثاً خلِقاً ولحيته طويلة وشعثاء، تملؤها القشرة وبقايا الطعام، وإن تعطر فبعطرٍ “حلال”إن شممته سيصيبك الصداع يومين كاملين، لان العطور الفرنسية حرام. وان لم يتعطر فتلك هي الطامة الكبرى.
و لا يحلم سيادته في ان يصبح يوماً طبيباً ليعالج البشرية او ليكتشف دواءاً لمرضٍ عضال، بل ليسافر الى افغانستان ليلتحق بركب المجاهدين، فالجهاد حسب ما يُنقل له من “اشياخه” هو القتال في سبيل الله، أُولائك المشايخ الذين لا يفقهون شيئاً عن الجهاد الاكبر في الاسلام ألا هو جهاد النفس، وهو العلاقة مع الزوجة والاولاد والاهل والجيران وزملاء العمل، ونسوا ان الدين هو المعاملة.
وتطور ذلك الإعِوجاج الى العمليات الانتحارية في اوروبا وامريكا الشمالية والاتينية وافريقيا، وادخال الرعب في قلوب تلك الشعوب بعد ان ارعبوا اهلهم من العرب والمسلمين، وكل هذا بأسم نبي الرحمة (ص) الذي تكال له الشتائم والإهانات بسبب تصرفهم المشين.
اما اتباع التشيع السياسي إذ التشيع الحقيقي والناصع منه براء، كتشيع الشيخ المفيد والشريف الرضي، اوُلائك الاعلام الذين اندثرت آثارهم الانسانية بسبب تغول ذلك المذهب الدخيل، الذي هو كالوهابية المتطرفة بالنسبة للسنة.
فماذا اذكُر؟ فانا والله وإن كنت قد ذَكَرتهم انفاً ولكن ساكرر القول، فهم كذلك لهم بدل القرآن قرآنين ! تعبد من دون الله، ملايين الروايات الموضوعة والهزيلة والدخيلة على التشيع، من امثال سبّ الصحابة الاجلاء وامهات المؤمنين (رض) من ازواج الرسول (ص) بطرق فاضحة ومعيبة، وكذلك نؤاهم يناصبون العداء لامريكا والعالم المتحضربالرغم من انهم يستخدمون اختراعاته وطرق العلاج الحديثة، وكذلك نراهم يعادون ويكفرون كل من خالفهم سواء كانوا من السنة ام من الشيعة، وابسط دليل من آلاف الادلة، وهو من لم يعتقد بولاية الامام علي (ع) فهو كافر وليس من الاسلام بشيء، وكلها بسبب مالديهم من ترهات الروايات الهزيلة والموضوعة. بل عند الكثيرين منهم نرى الضحك من المحرمات، فيقولون انه يذهب ببهاء المؤمن ! او اذا ضحك احدهم يقول، اللهم لا تمقتنا ! كأن الله يريد ان يرى عبده عبوساً قمطريرا ! اذاً فالمشتركات كثيرة، فما يجمعهم على الشر اكثر مما يفرقهم على الخير، والادلة على شر توحدهم هي كثيرة، مثلاً عندما توحد حزب الله اللبناني أي “القاعدة الشيعية” مع قتلة الشعب العراقي من القاعدة السنية والمتشددين الاخرين، رأينا اعلامهم المتمثل في تلفزيون “المنار” السيء السمعة والذي هو احد الابواق الاعلامية لايران، يؤيد تلك العمليات الاجرامية بوصفها المقاومة الشريفة ! تلك المقاومة التي حصدت عشرات الآلاف من ارواح الابرياء في العراق، فمثلما ارسلت لنا القاعدة عشرات المجرمين، اهدى حزب الله اخوانه من شيعة العراق شيئاً لا اقل شناعةً، ألا هم الارهابيون، فأي تبرير لكل من يبعث مقاتلين الى العراق؟ “علي دقدوق” مثلاً، ماذا كان يفعل في البصرة حين القى الأمريكان عليه القبض؟ اللّهم إلا إذا قدم الى العراق كسائح ديني! وليعلم حزب الله اللبناني المتغطرس بأنه سيأتي يومٌ يصحو فيه العراقيون من كابوس السيطرة الصفوية ليحاسبوا كل من قتل وحرض على قتالهم وقتلهم، وكذلك التعاون والدعم اللوجستي من ايران لارهابيي طالبان والقاعدة وادخالهم الى العراق ليعيثوا في بلاد الرافدين فسادا بحجة افشال المشروع الامريكي فيه، وبمشاركة حليفهم في سفك الدم العراقي، طاغية سورية بشار واحتضانه لاعتى المجرمين في حق الشعب العراقي المغدور، من امثال محمد يونس الاحمد والضاري ومشعان وكثيرين غيرهم ممن قتل وحرض وساهم في قتل الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء، وكذلك تسهيل دخول الارهابيين من اصقاع الارض عن طريق سورية الى العراق خلال العشرة اعوام الماضية، وهذا ما اكدته الحكومة العراقية التي تركت التشدد لتدخل مرحلة الموالاة له فقط، اي بقلبها فقط وذلك هو اضعف الايمان!
ومن خلال قراءة بسيطة للتاريخ نرى ان السبب في كُل هذا هو ذلك الارث الثقيل الذي ورثناه من الامباطوريتين المستعمرتين للعالم الاسلامي بشقيه السني والشيعي، الاولى وهي الامبراطورية العثمانية التي كرست الطائفية لدى السنة من خلال تسيس الدين والمذهب، والثانية هي الامبراطورية الصفوية التي اسست التشيع السياسي خدمةً لمآربها الشخصية في التوسع، وما اشبه اليوم بالبارحة، فأتراك اليوم او (العثمانيون الجدد) متحالفون مع بعض المتطرفين السعوديين من الوهابيين، والتي انضم اليهم احد الخطوط في دولة قطر برفع راية الدفاع عن السنة واذكاء الفتن الطائفية، والتي ولد من رحم تلك المجموعة من الارهاب السني او ما يسمى بالقاعدة، وثانياً، نرى ايران اليوم او (الصفويين الجدد) متخذين نفس الحليف السابق لهم وهو لبنان الشيعي، واضافوا اليه بشار العلوي الذي يشن اليوم حرباً شعواء غاشمة مبيدة على شعبه الاعزل لارغامه على الخضوع له ولكن هيهات، وهكذا تولد من تلك النطفة الحرام من الارهاب الشيعي او ما يسمى بالتشيع السياسي.
فمعاً يا أيها المسلمون الأطهار فلنطهر هذا الدين الحنيف الذي طالما قلنا انه دين سمح وحنيف، ولنرجع له نبراسه، وهو السلام الذي اشتق اسم الاسلام منه، وذلك برفض اي شكل من اشكال التطرف والكراهية، وكذلك نرفض تصديق تلك الروايات المدسوسة والموضوعة من قبل الشاذين فكرياً وانسانياً والتي تشم منها رائحة التطرف والطائفية والعنف ولنعدْ للأسلام والمسلمين مهابتهم ومجدهم بعد أن لوثوه بالرغام.
الحلقة 36 عيد نوروز في الاسلام
حل علينا عيد النوروز المبارك ، وحلت علينا كلمات التطرف والكراهية القائلة بحرمة المشاركة فيه ، كونه ليس من اعياد الاسلام بشئ ، لذلك لايجوز للمسلم
الاحتفال به ، كونه من البدع .
فوصل بالمسلمين تحريم الاحتفال بذلك اليوم الكبير ، مستندين كالعادة على روايات هزيلة وموضوعة ، كما في تلك الروايتين :
1- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال : من مر ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك , حشر معهم يوم القيامة .
2- قال الذهبي رحمه الله في رسالة “التمسك بالسنن والتحذير من البدع” :
” أما مشابهة الذِّمة في الميلاد ، والخميس ، والنيروز ، فبدعة وحشة .
تعريف البدعة هي الشئ المستحدث ، وهذا العيد وغيره من الاعياد الغير اسلامية ، كان موجوداً قبل الاسلام واعياده بقرون طويلة ، فاين هي البدعة اذن ؟
ثم نوروز هو عيد الربيع والمحبة والتآخي ، فلماذا لا نحتفل به كمسلمين ؟
فهل فيه من عنف او كراهية مثلاً لكي يحرمه الاسلام ؟ كون الله تعالى لا يحرم شئ الا وفيه ضرر على الانسان ، فأين هو ذلك الضرر في بهجة النفس البشرية ؟
فهذا كتاب الله العزيز يذكر المودة والاعتصام بحبل الله
وعدم الفرقة ، مرات لا تحصى .
لذا فوجب علينا كمسلمين ان نشارك ونبارك هذا العيد السعيد على الامم والشعوب الكريمة التي تحتفل به ، ونخص بالذكر منهم الامة الكوردية التي عشنا معها بأمان وسلام ، وارتبطنا بها حتى اختلطت دماءنا بدماءهم ، فألف مبروك لهم وللانسانية جمعاء بهذا العيد السعيد .
هل من الممكن ان يأكل الدين ابناءه ؟
طائرات التحالف تقف موقف المتفرج من حرب تكريت .
اطراف النزاع في تكريت هي 3
1- العدو الافتراضي الهجين “داعش” من ناحية .
2- يقابله قوات وزارة الدفاع “العراقية” ذات الادارة السنية ، والتي تمثل المحور السعودي التركي .
3- قوات وزارة الداخلية “العراقية” ذات الادارة الشيعية ، والتي تمثل ايران .
فها هو وزير الداخلية الشيعي يعلن توقف المعارك حفاظاً على ارواح المقاتلين ، وكذلك الحفاظ البنية التحتية لتكريت .
بعد ان طردوهم من شرق المدينة ليعودوا ويتجمعوا في غربها .
وكل ذلك امام انظار الدول المتصارعة وسلاحها الجوي !
ولكن نرى ذلك السلاح الجوي يضرب داعش في الرمادي وسوريا .
انها وبلا ادنى شك حرب التطهير المذهبي في كل من العراق وسوريا ، والتي تسبق التقسيم الجديد للمنطقة .
فهل يفرح العراقي الحقيقي بهذه الحرب القذرة ، والتي حطبها هم شبابنا الغالي ؟
التخبط له اساطين
تعريف : كلمة نسخ تعني الازالة والاحلال بمحل، فنقول نَسَخت الشمس الظلام
اي ازالته وحلت محله .
من اجل عدم الاطالة، سأكتفي فقط بمثالين على تخبط الفقهاء في سن أحكام
الشريعة الاسلامية التي يتعبد بها المسلمون لقرون .
يقول الامام شمس الدين القرطبي صاحب كتاب الجامع لاحكام القرآن، ان السنة
النبوية تنسخ القرآن، على الرغم من وجود آية شريفة في سورة البقرة تنص
على ان لا شئ ينسخ القرآن سوى القرآن نفسه .
بسم الله الرحمن
ما نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ
مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ..
فالخالق هنا يؤكد في هذه الآية الشريفة وبكل وضوح ، على ان من ينسخ كلام
الله هو الله تعالى وحده ، ومن يأتي بخير منها او مثلها كذلك هو الله ،
ولكننا نجد هذا الفقيه يقول ما يخالف النص القرآني !
وكل ذلك بسبب هذا الحديث الذي يعتبرونه “صحيح” على الرغم من تعارضه مع نص
القرآن الكريم .
والحديث المزعوم هو “لا وصية لوارث”
اليكم ألآية الكريمة التي توصي للوارث
بسم الله الرحمن الرحيم
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ
خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ
حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ .
فبذلك يكون هذا الامام قد ضرب آيتين كريمتين بعرض الجدار امام هذا الحديث
المكذوب عن النبي ص .
فمن نصدق ؟ القرطبي ورهطه ام القرآن الكريم ومُنزِله ؟
مثال آخر على التخبط الذي وقع فيه فقهاء جميع المذاهب الاسلامية على
الاطلاق، هو لا يقول بالنسخ بل بالتحريف والعياذ بالله!
عن عائشة رض انها قالت
لقد انزلت آية الرجم فكانت في ورقة تحت سرير في بيتي، فلما اشتكى النبي ص
تشاغلنا بأمره، ودخلت دويبة لنا (اي شاة صغيرة) فأكلتها .
هل على مثل هذه الاسطورة المكذوبة والملفقة عن أمنا عائشة رض وغيرها يبني
دين عظيم كالاسلام مبانيه الشرعية ؟ واي مبنى؟ مبنى دموي قبيح وبائس شوه
صورة الاسلام المحمدي الاصيل وسمعة نبيه الكريم، هو عقوبة الرجم الوحشي
للانسان حتى الموت الذي يتلذذ في تطبيقه متعطشي الدماء .
الفعل أصدق من القول
اليوم نقرأ ونسمع الكثير من تلك الخطب الممتازة التي كلماتها كالبلسم على الجرح ، حيث ما فيها من الكلام الصادق والجميل والمعبر عن ما في الاسلام والمسلمين من طيبة وود لاخوانهم من البشر ، ولكن نسمعها لننساها وينساها العالم ، ونعود الى نفس الدوامة التي حكمت علينا بالسجن المؤبد في قفص الاتهام هذا الذي نعيش فيه .
لذلك فنحن اليوم بحاجة الى افعال وليس مجرد كلام ، افعال تثبت ما نقوله ، ونجعل من الليبرالية الحقيقية منهاجاً لنا قبل ان تكون عنواناً .
فما قمنا به في liberalmuslim.org او منظمة المسلمون الليبراليون هو ليس مجرد طرح افكار ليبرالية تدور في خلد الكثيرين ممن ينتمون للانسانية الحقة ، كرهوا الواقع المغلوط الذي يعيشه ما يقارب ربع سكان الكرة الارضية من المسلمين ، بل هي ترجمة حقيقية جريئة لتلك الافكار التي نتوق اليها جميعاً كمسلمون.
كل ذلك من اجل تنقية سمعة ديننا الحنيف وسمعة نبينا الكريم ص التي تعرضت للكثير من التشويه على يد المسلمين انفسهم قبل غيرهم .
إذن فهو عمل دؤوب وفعل حقيقي ليكون هو الحل لمشاكلنا الكثيرة .
فبدون ذلك الفعل الذي ينافي تلك الافكار المتطرفة والشاذة عن الفطرة الانسانية التي فطرنا بها الخالق العظيم ، والتي اوصلتنا الى ما نحن فيه اليوم ، لا يمكن ان نتقدم ونتطور لمواكبة اقراننا من البشر .
نعم سنعمل بكل ما بوسعنا من اجل تطبيق تلك الاحكام المستمدة من فيصلنا ودستورنا القرآن الكريم
من خلال التأويل الذي تكلم عنه الخالق في الآية 7 من سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ..
وحينها سنجد ثمار هذا الجهد ، ليس فقط لنا كمسلمين ، بل لكل البشرية التي تشاركنا هذا الكوكب .
وهذه دعوة لكل من ينتمي لمدرستنا الليبرالية الحقة ، ان يشاركنا ويدعمنا في مشروعنا الوليد هذا ، والذي بركوبه سنعود الى الحضن الانساني السليم ، الذي هو بانتظارنا ، ويكون بمثابة ارث نافع لاجيالنا التي ستفخر به .
سؤال صريح يدور في الخاطر
ماهو رأي المسلمون الليبراليون في اليهود والمسيحيين ؟ كون نَجّسَهم اغلب الفقهاء ، مستندين على الآية الكريمة (28من سورة التوبة) ، وكذلك توبيخم في آيات اخرى .
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .
الجواب
مما لاشك فيه ان الفقهاء هم سبب ضياع هذه الامة ، بسبب جهلهم بعلم التأويل ، الذي حَرّمه البعض وكَرّهه البعض الآخر من اشياخهم ، لذلك فإن الرشد في خلافهم .
فراحوا يحفظون ما كتب سلفهم في تلك التفاسير المتضاربة ويرددونها كالببغاوات ، مما اسا كثيراً الى ديننا الحنيف وسمعة نبينا الكريم ص .
سبق وان بينا تأويل كلمة مشرك ، في الحلقة 1 من فقه التأويل ، وبينا ان لا علاقة لها بالمعتقد ، بل هو وصف لمن يعبد مع الله إله آخر مهما كانت عقيدته ولم يختص بأحد على الاطلاق ، والكافر هو من يكفر بتعاليم الخالق عزوجل فيما يخص الانسان ، كون ان يطغى ويظلم ويقتل النفس المحترمة ويعتدي على الحرمات ويزني (الزنا الذي بينا حقيقته في الحلقة 4 من فقه التأويل بعنوان الزواج في الاسلام) ، مهما كان معتقده ، وكذلك المؤمن والمسلم هما من أمِن الناس شرهم ، واسلموا وجوههم الى الله تعالى وآمنوا به ، وسَلِمَ الناس من يدهم ومن لسانهم ، كذلك بغض النظر عن معتقدهم .
والآية الشريفة المذكورة اعلاه نزلت على قوم ظلمة استعبدوا الناس وأذلوهم ، وقتلوا النفس المحترمة ، والزنى كان من سجاياهم .
لذلك وصفهم تعالى بالنَجَس ومنعهم من اداء الحج ، وذلك من اجل تحقيرهم اجتماعياً ، ويُطَمئن المؤمنين بأن لا يخافوا العيلة اي الفقر من عدم مجئ هؤلاء الظلّمة والقتلة الى مكة والتجارة مع اهلها ، واكد الله لهم بأنه من سيتكفل بغناهم ، إذن لا علاقة لليهود او للمسيحيين بتلك الآية الشريفة .
اليهودية ديانة سماوية عظيمة ، ودلائل عظمتها جاءت في القرآن الكريم الذي تحدث كثيراً عنها وعن اتباعها وعن انبيائها ع الكثر .
فوبخ الخالق البعض وسخط على البعض ورضي على البعض وامتدح البعض الآخر منهم ، كما فعل مع كل خلقه ومن ضمنهم نحن المسلمون المحمديون .
امثلة على ذلك من القرأن الكريم سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم
لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءَايَاتِ اللَّهِ ءَانَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ . وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ” .
ألآيات الشريفة واضحة ، فَفِيهِم مؤمنون صالحون ، وهُم أهل كتاب غير مؤمنين بالشريعة المُحَمّدية .
وكذلك في سورة الدخان يقول تعالى وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [الدخان: 30 – 32]،
وكذلك يقول الحق تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [الجاثية: 16، 17].
فنحن ابناء النبي اسماعيل ابن النبي ابراهيم ع ، وهم ابناء النبي يعقوب ابن النبي ابراهيم ع ، اذن جدنا وجدهم واحد وهو النبي ابراهيم الخليل ع .
اما ما جرى من حروب في التاريخ القديم ، فذلك انتهى عهده ، فكل الشعوب كانت تقتتل في الماضي ، ولكنها تحضرت وتقدمت .
ونحن ابناء اليوم ، لذلك لم يبقى خلاف بيننا وبينهم البتة ، بل العكس ، فيجب علينا التعاون معهم من اجل التقدم والخير والسلام .
وكذلك الحال بالنسبة للمسيحيين ، إذ امتدحهم الخالق في مجالات وذمهم في أخرى .
كما في هذه الآيتين الشريفتين من سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)
وايضاً امتدح المسلمين المحمديين في مواضع وذمهم بأخرى ، فالبارئ ذكر كلمة منافقين في سور كثيرة
منها :
البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة والعنكبوت والأحزاب والفتح والحديد والحشر
بسم الله الرحمن الرحيم
وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم ..
بل اختصهم بسورة كاملة وهي سورة المنافقين ، التي شملت حتى البعض من المقربين من النبي ص
إذن فالخالق تعالى عادل يمتدح خلقه ، لو آمنوا وعملوا صالحاً اياً كانت عقيدتهم ، ويذم ويوبخ خلقه لو لم يلتزموا بتعاليمه في العمل الصالح ، كذلك اياً كانت عقيدتهم ، وبتلك الحالة يمكن ان تنطبق كلمة النجس على المسلم المحمدي الذي ينحرف ويتعطش الى الظلم والدم كما في مجرمي ما يسمى اليوم بداعش.
الجهل في التأويل
اتفق جمهور المسلمين (عدا شذوذ عدد قليل جداً منهم يكاد ان لا يذكر) على ان القرآن الذي هو مابين الدفتين كامل وغير منقوص ولم يتعرض الى اي تحريف .
تغيرت حياة العرب وغيرهم ممن اعتنق الاسلام تغيراً جذرياً لاسباب كثيرة ، منها تحريم ظلم البشر ، والشرك بالخالق ، والقتل العمد ، واكل مال اليتيم ، واكل الميتة ولحم الخنزير الخ.
وكذلك نهى القرآن عن امور ضارة بالانسان وبالمجتمع ولكن ليس بلهجة التحريم ، وانما بلهجة اخف ، كالاجتناب كما في الخمر والميسر ، كونهما اعراف انسانية قديمة .
كذلك نظم العقود ومنها التجارية والاجتماعية والقضائية والارثية ، الى ان وصل الى حد تربية وتهذيب الفرد تجاه والديه وابنائه وزوجه .
ولكن من جانب آخر ، وبسبب عدم التمكن من قراءة صحيحة للقرآن ، واجه المسلمون اكبر مشكلة في تاريخهم ، وهي ارهاب الانسان لأخيه الانسان ، من خلال قراءة لقوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
ترهبون به عدو الله وعدوكم ..
ليسأل ذلك القارئ الجاهل شيخه الذي هو اكثر منه جهلا ، يا مولانا وما تفسير هذه الاية الكريمة ؟
فيجيبه “مولاه” بما انك عبد صالح من عبيد الله ، فعدو الله وعدوك واحد وهو الكافر ، ومن هو الكافر الذي نحن مأمورون بإرهابه يامولانا ؟ وهنا الطامة الكبرى التي ادت الى سفك الدماء وانتهاك الاعراض واستباحة الاموال ، فيجيبه ذلك “المولى”، الكافر هو ذلك الغير مسلم والدليل هو قوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
ومن يتبع غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ..
ويأتي “مولاً” آخر ليوسع معنى كلمة كافر لتشمل المسلمين الذين ينتمون الى طوائف اخرى ، ويقول لجُهّاله ان الكافر هو من لم يصلي الجمعة مثلاً ، (حيث كان الشيعة الامامية لم يصلوا الجمعة قبل عام 1979 اي قبل ثورة الخميني في ايران ، لاعتقادهم بأن المخول لاقامتها هو الامام المهدي ) وبالتالي فمن لم يصلي الجمعة فهو غير مسلم ، لذا فالاية تنطبق على الشيعة ، وآخر يفسر معنى الكافرين او الخاسرين هم من لم يؤمنوا بخلافة الشيخين ابو بكر وعمر (رض) ، والشيعة كما هو معروف لهم خلاف مع الشيخين .
ومن الجانب الاخر وكردة فعل ساذجة يقول “المولى” لجُهّاله من لم يعترف بولاية الامام علي (ع) فهو كافر بل في الدرك الاسفل من النار ، ونجد ذلك متجلياً في مواقع التواصل الاجتماعي لمراجع اللايكات الجدد .
لتكبر تلك الآفة الخطيرة لتشمل حتى من ينتمي لمذاهبهم نفسها إن لم يتفقوا معهم في الرأي ، فنرى في ايران يقولون في شعاراتهم الرسمية الموت لمن هو ضد “ولاية الفقيه” ، والمقصود هنا جميع مراجع الشيعة على الاطلاق من الاولين والاخرين هم ومقلديهم كونهم لا يعتقدون بإحدوثتهم التوسعية الباطلة وهي ولاية الفقيه ، ليتساووا في تحريضهم هذا على الجريمة مع ألد اعداء الشيعة من متشددي الوهابية والسلفية الجهادية الذين يُكَفرون ويقتلون حتى السنة الصوفية الناصعة والمملوءة بالحب والسلام ، ويهدمون اضرحة اوليائهم الصالحين الذين عبدوا الله خير عبادة .
وهكذا تحول المسلمون من تكفير الديانات الاخرى الى تكفير انفسهم ، وبدأت شلالات الدم بينهم تجري بدلاً من انهرهم التي جفت بسبب سخط الخالق عليهم .
ومن جانب آخر نجد وفي نفس القرآن ، آيات لو لم نفهم تأويلها الصحيح ، ستبدو لنا بأنها تخالف تلك الآية التي سبقتها تماماً ، ومنها
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الذين أمنوا والذين هادو والنصارى والصابئين..لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ..
فالآية التي سبقتها تقول من لم يكن مسلم فهو في الاخرة خاسر اي في جهنم ، ولكن ألآيتين الشريفتين لا ربط بينهما ، فالاولى تقول من خالف الله وتعاليمه اي لم يسلم وجهه لخالقه ولم يسلم الناس من يده وافعاله فهو في الآخرة من الخاسرين اي كافر ومشرك وإن كان مسلماً محمدياً .
والثانية تطمئن اليهود والمسيحيين والصابئة (الذيسماهم ابراهيم ع بالمسلمين) وتؤكد على انهم من عباد الله ولهم ثوابه ولا ليس عقابه .
بسم الله الرحمن الرحيم
مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ ..
اذن فهو الجهل بعلم التأويل لكلمات كثيرة منها كلمة مسلم ، وهذا هو ما اوقعنا في التخبط وعدم معرفة الحق من الباطل .
وكذلك الاية الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
لكم دينكم ولي دين
فظاهرها تسامح مع اتباع غير الدين الاسلامي ، فمنهم من قال انها تنطبق على اتباع جميع الديانات الاخرى ، ومنهم من ذهب الى التفاسير القائلة بانها تشمل فقط الكفار الوثنيون حسب تفسير الطبري .
والحال هو إن الآية الشريفة تخاطب الطغاة والظلّمة والكفار بتعاليم الله من كل الاديان والمعتقدات ومنها الاسلامية ، وتقول لهم : لكم طريقتكم المنحرفة التي اخترتموها لانفسكم ، والتي ستؤدي بكم الى التهلكة ، ولي انا طريقتي المثلى .
فالاختلاف ليس فقط في التفسير ، بل انه وصل الى كيفية قراءة القرآن الكريم ، وهذا الاختلاف في القراءة بين المسلمين انفسهم هو كارثة حقيقية عمقت الخلاف فيما بينهم ، كون المعنى يختلف اختلافاً جوهرياً .
ورأيناهم طوال قرون من الزمن ، منشغلين يتراشقون التُهم فيما بينهم على قراءة القرآن الكريم الذي انزله الله بلغتهم ، يجهلون اين يضعون النقطة في آية التأويل مثلاً ، وكذلك يجهلون قراءة ارجلهم هل بفتح اللام ام بكسرها ، كونها تعطي معنى مختلف كما في آية الوضوء .
وكتبوا في خلافاتهم الكثيرة مؤلفات ومجلدات تملأ تلك الارفف ، وكما شغلت مؤلفاتهم الخلافية حيزاً مكانياً، فهي كذلك شغلت حيزاً فكرياً كبيراً في ادمغة المسلمين ، مما اوقفتهم عن مواكبة عجلة الزمن في التقدم وفي كافة المجالات العلمية ، ان كانت في الطب او العلوم الاخرى ، لذا فهم اليوم متخلفين بسنين ضوئية عن اقرانهم من البشر الذين لم تشغلهم خلافاتهم الكثيرة، وكتبهم التاريخية التي لا يعيرون لها اهمية تذكر ، لذا نراهم يبدعون في التقدم العلمي بكافة اشكاله .
إذن ، فالتفاسير كثيرة ومتضاربة فيما بينها .
هذا ما يخص التأويل والتفسير ، وهناك الناسخ والمنسوخ وفيه ما فيه من كوارث الاختلاف ، فالبعض يقرأ اية تبدو واضحة كقوله تعالى (فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة) ويفهموها كما هي ، اي ارتباط رجل بإمرأة بزواج منقطع يتفق فيه الطرفان على تحديد الاجل ، وعلى ان يدفع لها اجر مقابل ذلك .
والبعض الاخر قال ان الاية هذه نُسخت بآية اخرى ، ويتهم من خالفه بفهمها بالزنا والاباحية بالاضافة الى الكفر .
هذا من ناحية المنسوخ المكتوب ، وهناك المنسوخ والمرفوع خطياً ولكن حكمه مازال نافذاً بحسب آراء بعض الفقهاء ، كآية الرجم وإرضاع الكبير .
وهناك المحكم والمتشابه ، والظاهر والباطن لآيات القرآن الكريم .
ويشتد الخلاف بين المفسرين ان كانوا من طوائف مختلفة او حتى من الطائفة نفسها ، فلو اخذنا مثالاً آخر على الخلاف الشديد في التفسير وهو خلاف ليس بمذهبي بل هو خلاف عام ، في قوله تعالى في سورة النساء اية ٣٤
(واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا..) .
فمن الواضح ان هناك امر بضرب الزوجة ، ولكن وبعد العولمة وحقوق الانسان تَحّرج المسلمون من قرآنهم فبدؤوا يلتمسون الاعذار للخالق ، على ان الضرب ليس بمعناه اللفظي بل يعني النصيحة والتهديد به والزجر الخ. ، وتفسيرات وتأويلات ما انزل الله بها من سلطان ، ويأتي آخر ليقول انه ضرب خفيف جداً بشرط ان لا يشمل الوجه ، واخر يقول ضرباً بعضد الكرفس او الريحان وآخر يقول النعناع ، من اجل ان تُردع المرأة وتنضبط ، لا من اجل العقوبة والانتقام ، عجباً ! وهل بضرب لطيف بعضد الكرفس او النعناع هو ما سيردعها من كارثة كبرى كالنشوز ويجعلها منضبطة ومطيعة ؟ فالاية الكريمة تشترط طاعتها فأن حصلت تلك الطاعة حينها يجب التوقف عن الضرب ، بقوله تعالى (فأن اطعنكم فلا تبغوا) ، إذن فهو بغي عليهن حتى يُطِعنَ ، والبغي لا يكون بعضد النعناع .
فهذا هو خير دليل على صعوبة فهم القرآن الكريم ، ودليل آخر على التخبط في الفهم الذي ادى الى كل هذا الغل والكراهية ، التي هي مرة مع الكافرين ، ومرة مع اهل الكتاب ، ومرة مع امة لا إله الا الله ، واخرى مع اتباع المذهب الواحد ، ناهيك عن التجريح والتشهير والقذف والقاء التهم حتى بين مراجع الدين الكبار انفسهم ، الذين اصبح كلامهم مبتذلاً وسوقياً.
كما قال احدهم في الفضائيات الدينية المنتشرة في يومنا هذا ، وهو يُشهّر بزميل اكبر منه سناً ، بأن المخابرات العالمية من اتت به مرجعاً ، وانا اعلم منه !
فما بالك بالجُهال من الطرفين ، هذا فقط نزر يسير من الخلافات في ما يخص القرآن الثابت والغير محرف الذي اختلف المسلمون في تفسيره وتأويله ، بل وحتى في كيفية قراءته ، فما بالك بالسنة النبوية الشريفة التي يقولون فيها بأنها مُكمِلة للقرآن وكانه ناقص ، بل ويقولون بأنها تنسخ القرآن ، وفيها ما فيها من الكم الهائل من الروايات والاحاديث الموضوعة والمنسوبة زوراً وبهتاناً للنبي الاكرم (ص) وصحابته والائمة الطاهرين من آل بيته الشريف ، وكذلك فيها من الانحطاط الانساني المشين .
اذكر منه مثلاً بسيطاً لاثبت ذلك الانحطاط بل الشذوذ البشري ، ألا وهو ارضاع الكبير ، ايعقل ان يكون ذلك صحيحاً عن النبي الاكرم الذي امتدحه الخالق عزوجل في كتابه العزيز (انك لعلى خلق عظيم ) اليست هذه اهانة مابعدها اهانة للحبيب المصطفى ص ؟
وعقد الزواج بالمحارم الذي لا يعتبر شبهه عند البعض من ائمة المذاهب ، وكذلك العقد على الطفلة الرضيعة الذي اجازته جميع المذاهب .
وهنا اكتفي ، فوالله لو اطلعتم على ماهو منقول في امهات كتب الحديث والروايات الهزيلة التي بني عليها الفقه الاسلامي لجميع المذاهب ، ومنها تلك التي تسمى “بالصحاح” ، لاقشعرت ابدانكم من هول ما فيها ، والمصيبة انهم يقولون ان كل هذ المجون والاستهتار بقيم السماء والانسانية ، منقول عن النبي وآله وصحبه الكرام .
فهل من طعن بالدين الحنيف والقرآن الكريم والنبي الاكرم ص اكبر من هذا ؟ انا ترددت في الدخول في هذا الجانب المؤلم والمظلم من ديننا الذي نعتز به ، ولكن فتح الجُرح للهواء وتطهيره افضل من غلقه وتغطيته وهو ملوث ، كونه بالتالي سيؤدي الى البتر او القضاء على كامل الجسد .
اذن ، فالحاجة للاصلاح الديني الذي هو من اهم واجباتنا ، هي كبيرة جداً .
الكلاب والحيات في الفقه الاسلامي
هل حقاً نحن مأمورون بقتل ألثعابين والكلاب ؟ ترى ما هو مصير الخفافيش والارانب ؟!
مامعنى ذا الطفيتين والابتر وماهي صيغة التحريج على عوامر البيوت ..
ذا الطفيتين (المقلم) والابتر (قصير الذيل) هي من انواع الافاعي .
هذا هو الفقه الاسلامي ، “ودليله القاطع” على نجاسة الكلب !
عن عبدالله ابن عمر رض قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل الكلاب .
يقول ” اقتلوا الحيات والكلاب ، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر ، فإنهما يلتمسان البصر ويستسقطان الحبالى”
قال سالم : قال عبدالله بن عمر : فلبثت لا أترك حية أراها إلا قتلتها .
فبينما أنا أطارد حية يوما من ذوات البيوت ، مر بي زيد بن الخطاب أو أبو لبابة وأنا أطاردها فقال : مهلا يا عبدالله ، فقلت ؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلهن ، فقال ؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذوات البيوت .
(رواه مسلم)
لنرى ما هو ذلك الضرر الجسيم من تلك الحيوانات ، والذي بسببه “امر” رسول الله ص الذي لا ينطق عن الهوى ، ان يقاتلها المسلمون .
الكلب ..
ذلك الحيوان الذكي والشديد الوفاء والمحبة لبني آدم ، والذي يُعتبر اخلص صديق عرفه الانسان ، طوعه البشر لخدمته ، كالذي يعمل كدليل يمشي مع فاقدي البصر ليرشدهم ويحميهم من حوادث الطريق ، او ذلك الذي ينقذ حياة الذين يتعرضون للزلالزل ، حيث يقوم بإرشاد عمال الانقاذ على من دفن حياً تحت الانقاض ، وكذلك يكتشف المتفجرات والمخدرات وباقي الاشياء المضرة بالانسان .
هذا بالاضافة للحراسة التي يقدمها طوعاً لسيده الانسان .
فكيف يأمر النبي ص بقتله ؟
الحيات ..
حيوانات استفاد منها الانسان على مر العصور ، كما في المختبرات بعد ان تستخرج سمومها من اجل صناعة بعض الادوية والعقاقير ، نعم ممكن في ذلك الزمان كان منها ما يؤذي الانسان ، حينها جاز قتله ولا ارى حاجة لفتوى النبي ص بذلك ، ولكن لماذا الكلاب ؟
وبحسب ذلك “الدليل القاطع” ، توصل جهابذة الفقه الاسلامي على اصدار فتاوى تنجس الكلب .
وبسبب تلك الفتاوى الغير مسؤولة ، خسرنا تلك الفائدة التي جناها غيرنا من تلك الحيوانات التي خلقها الله لفائدتنا .
الحلقة 35 الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (البقرة 106)
كالعادة في الفقه الاسلامي المتضارب ، والذي هو كالبحر الهائج المتلاطم الامواج ، يتضارب فقهاءه جميعاً في صحة وعدد تلك الآيات المنسوخة في القرآن الكريم .
معتمدين بذلك كما في غيرها من الاحكام ، على روايات هزيلة بل مضحكة ومبكية في آن واحد .
سوف لن نخوض في تلاطم افكار الفقهاء التي لم نجد فيها سوى مضيعة للوقت والجهد ، والتي عطلت عقول الكثيرين من المسلمين بسبب دورانهم في هذه الحلقة المفرغة التي ابقاها الكهنوت تدور منذ اربعة عشر قرناً لاسباب مادية وسلطوية بحتة .
وبسبب خديعتهم تلك ، والتي وقع بها الكثيرين سنضرب مثلاً واحداً على ذلك الهراء ونكتفي .
قال أحمد في مسنده 26316 – حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: ” لَقَدْ أُنْزِلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ وَرَضَعَاتُ الْكَبِيرِ عَشْرًا، فَكَانَتْ فِي وَرَقَةٍ تَحْتَ سَرِيرٍ فِي بَيْتِي، فَلَمَّا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشَاغَلْنَا بِأَمْرِهِ، وَدَخَلَتْ دُوَيْبَةٌ لَنَا فَأَكَلَتْهَا ”
وكوننا نحترم عقول القراء الافاضل ، لذلك سوف لا نضيع اي وقت في تفنيد تلك المهزلة المشينة بنبينا الكريم ص وأُمنا عائشة رض .
فقط انظروا لبعض تلاطم اساطين ذلك الفقه :
“وقد تعددت دعاوى النسخ في الكتب التي تعرضت لمسائل النسخ ، وقد رتبها الدكتور عبدالله الشنقيطي وفقه الله على النحو التالي مبتدأً بأكثرها :
1. الدكتور مصطفى زيد ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (293) آية.
2. ابن الجوزي رحمه الله ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (247) آية.
3. السكري ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (218) آية.
4. ابن حزم ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (214) آية.
5. ابن سلامة ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (213) آية.
6. الأجهوري ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (213) آية.
7. ابن بركات ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (210) آية.
8. مكي بن أبي طالب ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (200) آية.
9. النحاس ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (134) آية.
10. عبدالقاهر ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (66) آية.
11. محمد عبدالعظيم الزرقاني / عدد الآيات المدعى عليها النسخ (22) آية.
12. السيوطي ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (20) آية.
13. الدهلوي ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (5) آية.
فهذه هي جملة الدعاوى ، مع التنبه إلى أن كل من هؤلاء المؤلفين رحمهم الله لا يقبل هذه الدعاوى ، بل كثير منهم يذكرها ويفندها.
فالدكتور مصطفى زيد رحمه الله هو أكثر من تعرض لقضايا النسخ وناقشها ، وقد قرر في النهاية أنها لا تزيد عن ست آيات ، علماً بأنه عند البحث أتى بـ(293) آية قيل بنسخها.
وكذلك العلامة ابن الجوزي رحمه الله عند مناقشة القضية جاء بـ(247) آية ، ولكن بعد البحث قبل منها (22) آية فقط ، ورد النسخ في (205) آيات ، وقال : إن الصحيح أنها محكمة ، وتوقف في الباقي وهو (20) آية ، لم يبين فيها حكماً ولم يصرح بالنسخ إلا في سبعة مواضع فقط.
أما الزرقاني – رحمه الله – فقد تعرض لـ(22) واقعة قبل النسخ في (12) منها.
وأقل من قبل النسخ الإمام الدهلوي رحمه الله حيث قبله في خمس آيات فقط ، وهي آية الوصية في النساء ، وآية المصابرة الواحد للعشرة في الأنفال ، وآية الأحزاب :(لا يحل لك النساء من بعد) ، وآية المجادلة :(إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) وآية المزمل :(قم الليل إلا قليلاً) الآية.”
اي كتاب مقدس هذا ؟ الذي يجهله “الفقهاء” بعد مرور اكثر من اربعة عشر قرناً على نزوله .
إذن ما نسخ القرآن من آيات واحكام ، هي كانت قد نزلت من قبل القرآن الكريم ، وإلا اذا اراد الله ان ينسنا تلك الايات ، فكيف يتركها امامنا نقرأها لكل تلك القرون ؟
الثيوقراطية أساس الارهاب
هنا اخترنا لكم مثالاً بسيطاً على الانحراف الكبير في الفقه الاسلامي ، بسبب تحريم التأويل للآيات الشريفة من خلال قراءة خاطئة للقرآن الكريم ، يعتقدون من خلالها ان الخوض في علم التأويل حرام ، وكذلك من بعض الروايات الهزيلة التي وضعت لتؤيد رأيهم هذا .
تفسير القرآن
التحرير والتنوير
محمد الطاهر ابن عاشور
أمسك السلف الصالح عن تأويل المتشابهات ، غير الراجعة الى التشريع .
في زمن الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رض جاء رجل الى المدينة من البصرة اسمه صبيغ ابن عسل التميمي ، يسأل الناس عن متشابه القرآن .
فأحضره عمر رض وضربه ضرباً موجعاً ، وكرر ذلك اياماً ، حتى قال حسبك يا أمير المؤمنين فقد ذهب ما كنت اجد في رأسي ، ثم ارجعه الى البصرة وكتب الى ابو موسى الاشعري ان يمنع الناس من مخالطته .
من هذه الرواية “المعتبرة” في الفقه الاسلامي ، والتي هي ليست سوى رواية موضوعة او في احسن الاحوال مرسلة ، نسنتج ان السلف كانوا يحرمون عِلم التأويل كون القرآن بحسب احدى القراءات يقول لا يعلم تأويله الا الله .
فإن كانت القراءة صحيحة ، فما المانع من ان يبحث الانسان في ذلك ؟ فهو بالتأكيد سيفشل كون ذلك العلم المهم لاختصه الخالق لنفسه .
ولماذا كل هذا العنف المفرط ؟ بأستخدام التعذيب الجسدي والمعنوي لمسلم ذنبه الوحيد هو انه اراد التفقه في كتابه المقدس !
نحن نعلم إن الله تعالى لم يختص لنفسه سوى علم الغيب الذي لا يدركه مخلوق ، ولكن عِلم تأويل كلامه الذي وجهه لعباده ، هل يعقل ان يَحرِمهم منه ؟
فكيف إذن سيحاسب البشر ؟ يجزي ويثيب ويعاقب على شئ مبهم يجهله البشر ولا يعرفه سواه ؟
إذن فالواقع يقول ان القراءة تكون “لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم” .
وكذلك من يعتقد بأن الراسخون في العلم هم فقط أئمة اهل البيت النبوي ص وحدهم هو ايضاً على خطأ كبير ، كون تلك القراءة ستلتقي مع القراءة الاولى في المطلب ، وتمنع الانسان من البحث في ذلك العلم الحيوي ، وبالتالي ستتجمد عقولنا وتبتعد عن البحث الذي أُحِلَ للبعض من البشر ، وحُرِم على البعض الآخر ، ونبقى في دوامة الجهل في كتاب الله تعالى التي دامت لقرون طويلة .