كتب في قسم مقالات دينية متفرقة | تاريخ 25 فبراير 2015 | الكاتب

حروب الجواري

أتى النبي الكريم (ص) برسالة انسانية واضحة للعرب، مفادها الحب والتعايش السلمي فيما بين البشر وفق ضوابط اجتماعية واُسرية وحتى دولية، أساسها التسامح واحترام الآخر وصون الكرامة التي هي قِمة مبادئ حقوق الانسان، والتي هي اثمن عند الله عز وجل من الكعبة المشرفة، وبعد ان استتب له (ص) الامر في الجزيرة العربية بنجاح منقطع النظير، أراد نشر تلك الرسالة للبشرية جمعاء من خلال ارسال رسائل الى ملوك الفرس والروم والقبط، تبدأ “بالسلام على من اتبع الهدى” وتنتهي “بأسلم تسلم”. ولا اظن انها مبهمة كي نخوض بها كونها واضحة، فورثَ تلك الراية المحمدية السمحاء من خَلَّفَ الرسول (ص) وخلفاؤه الراشدون (رض)، وفهموها على انها ضوء اخضر لغزو اقوام اُخرى، خصوصاً بعد ان وردتهم اخبار تلك البلدان والامصار وما فيها من خيرات وجمال النساء لم يعهدوه في صحارى العرب الفقيرة بالزرع والماء، فبدأت غزواتهم على العراق وبلاد الشام وفارس وشمال افريقيا، واتوا بذهبهم وحريرهم وحِسانهم ووزعوها على الخلفاء وامراء الحرب والجيوش طبقاً للاية الشريفة في سورة الانفال، والتي تنص على وجوب الخمس من غنائم الحروب، فكان الخمس للخليفة وخمس الخمس لقائد الجيش وما تبقى فهو غنيمة المقاتلين ليبيعوا ما فاض عن حاجتهم في اسواق النخاسة، وكذلك استندوا على ايات اخرى كثيرة في غزواتهم، منها ما يخص النساء مثل “ملك اليمين” والتي تعني جواز امتلاك الجواري ولكن الاسم جواري بقي مستعملاً عند العرب، لأن الاسلام حرم قتل المرأة في الحروب لكن اجاز استرقاقها والاتجار بها، هذا بالنسبة لغير المسلمات طبعاً ففي الاسلام لا يجوز سبي المسلمة، (ولكن سبيت حفيدة رسول الله (ص)زينب بنت فاطمة(ع) واقتيدت اسيرة الى الشام على افتاب الابل !!! ). ففعلوا ما فعلوه بأهل مصر القبطية التي قال عنها عمرو بن العاص للخليفة عمر لكي يشجعه على غزوتها: ترابها ذهب ونيلها عجب ونساؤها لعب ورجالها عبيد لمن غلب”، فشجعت الغزاة العرب على قتلٍ الرجال واغتصابٍ النساء واخذ الغلمان والعذارى، بالاضافة الى السلب والنهب لكل ما له قيمة من ذهب وفضة وزرابي وحرير وأواني وملابس الخ.. من خيراتهم التي كان يرسل قوافلها عمرو بن العاص الى الجزيرة العربية، وقيل ان تلك القوافل كان رأسها في الجزيرة العربية وذيلها في مصر تعبيراً على سعة حجمها، ويبدو ان هذا العمل كان استناداً لحديث المصطفى (اوصيكم بمصر خيرا فان لهم نسبا وصهرا)! حاشا لله، كون ام المؤمنين السيدة ماريا (رض) كانت من اقباط مصر وكذلك أمنا هاجر (رض) زوج ابراهيم الخليل (ع). ولكن لا حياة لمن تنادي يا رسول الله. وحسب المصادر التاريخية فأن اكثر الاقوام التي عانت الامرّين من تلك الغزوات العربية وقاومتها بشدة هم الامازيغ في شمال افريقيا والذين كانوا منعمين نسبياً في ظل الامبراطورية الرومانية، فقاوموا جيوش المرتزقة الجرارة بشراسة منقطعة النظير، وقتلوا الكثير من قادة الخلفاء الامويين ولكنهم غُلِبوا في الاخر واستسلموا لكثرة اعداد تلك الحملات والجيوش الجائعة من جزيرة العرب، التي قتلت رجالهم واغتصبت نسائهم واطفالهم، ومن ثم يأخذوا صغارهم من صبيان وعذارى بكر عنوة، كون ثمن ذلك النوع من “السلع” يعتمد على عمر “الكائن الحي”، فكلما كانت البكر او كان الغلام اصغر سناً كان اغلى ثمناً، كل ذلك كان يحدث امام صرخات الامهات والاطفال الذين يشاهدون ما يجري لذويهم على يد المبشرين بتلك “العقيدة” التي ارادت ان تفرقهم عن احضان ابويهم، لذا كان بعض الامهات يتوسلن بالجيش على ان يأخذوهن ليكونوا مع صغارهن وفلذات اكبادهن، هذا اذا حالفهن الحظ وكُنَ على درجة من الجمال ليوافق الامير على ذلك، وما ان تصل الى اسواق الشام حتى تباع تلك العوائل منفصلة كون الام ثمنها اقل من ثمن بنتها البكر او غلامها الصغير لتبدأ سلسلة اكبر من المعاناة في الاسر على يد مالكيهم الجدد وما يفعلوه بهم من فضائع يندى لها جبين الانسانية، ولا شئ من هذا مخالف للشرع بل العكس فهو حلال لا تشوبه شائبة ! لذا فأن رجال الامازيغ كانوا يدافعون دفاعاً مريراً عن العرض والولد والمال، وكانت استماتت اولائك الخلفاء والامراء على تلك البقعة هو ليس الذهب والخيرات الاخرى فحسب، إذ كانت لشمال افريقيا ميزة خاصة هي مِنة الخالق على نسائها بالجمال والانوثة ورخامة الصوت ونعومة الجلد وصغر الفم الخ من مقومات الجمال عند النساء وهذا موثق في كتب تاريخية معتبرة عديدة منها كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي في باب عبد الملك بن مروان. يذكر ان رسالة من “خليفة الله” هشام بن عبد الملك الى عامله على افريقيا يحثه على ارسال المزيد من الحسناوات وبمواصفات خاصة تلائم متطلبات وذوق خليفة المسلمين، من واسعات العيون وكبيرات الصدور وصغيرات الثغور الخ من الاوصاف، ويقارنه مع عامل ابيه (عبد الملك بن مروان) موسى بن النصير الذي اغرق قصور الخلافة الاسلامية بالجميلات من الامازيغيات لأرضاء شهوات “ظل الله في الارض”! إذن انها لم تكن فتوحات من اجل هداية الناس للاسلام ولا يحزنون، بل كانت غزوات نهب وهتك عرض والتي كانت هي ديدن العرب قبل الاسلام، ولكن الفرق الآن هو انها اصبحت بأسم الدين، لذا فهي مقدسة وبدل من ان كان الزعيم يسمى شيخ القبيلة اصبح يسمى خليفة المسلمين او ظل الله على الارض او الولي الفقيه، ولم يكن اولائك الخلفاء الا زبائن ذوي سلطة كبيرة، وكذلك عمالهم على الامصار لم يكونوا سوى مجهزين لتلك السلع النادرة والمطلوبة. ويقال ان في الفتح الاخير لافريقية اي (تونس اليوم ) اتوا بمائة الف بكر حتى ضاقت شوارع الشام بهن، فبيعت الواحدة منهن بقبضة من الفلفل! اي بورصة عرض وطلب، هل هذه هي رسالة السماء الى سيد الانام (ص)؟ وهل لمثل ذلك انزل تعالى رسالته على حبيبه المصطفى، ويقول له ( وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين)، فأي سماء تسمح ان يسبى عباد الله المسالمون ويأتون بصبيانهم الذين لم يبلغوا الحلم وأبكارهم اللواتي في سن الثامنة او التاسعة من العمر، معاذ الله من هذا الكفر الصريح، لذا فأرتد الامازيغيون عن الاسلام اثنا عشرة مرة، وكل مرة يرجعونهم بالقوة حتى اسلموا مجبرين، ليُغزَو مرات ومرات أُخر وكذلك من قِبَل العرب امثال بنو هلال وبنو سليم وغيرهم، الم يكونوا مسلمين فلماذا الغزو إذن؟ فالادلة كثيرة على ان ما يسمى بالفتوحات لم تكن إلا غزوات وحروب من اجل النهب والجواري، ومن الجدير هنا أن نذكر حادثة في احدى الروايات حين قتل احد المقاتلين ولعل اسمه قزمان، فجاءه زميل مقاتل اخر يواسيه وهو يحتضر، يقول له هنيئاً لك الجنة يا اخي، ليجيبه قزمان بصوت منخفض، انا لم آتِ الى هنا من اجل جنة الفردوس بل جئت لاغنم. فهذه دعوة لكل المفكرين الاحرار في عالمنا الاسلامي، على العمل الجاد من اجل تغيير مناهجنا الدراسية المملوءة بمثل تلك المغالطات التي تعبر عن تلك الغزوات بأنها فتوحات من اجل هداية العباد، والتي اثرت سلباً على تفكيرنا وجعلتنا ميالين للعنف، ولكي لا تتلوث عقول اجيالنا الآتية بها، علينا أن نتبرأ من تلك الافعال المشينة والمسيئة الى سمعة ديننا ونبينا نبي الرحمة، التي قام بها الطغاة من العرب المجردين من الانسانية. فلكي نبلغ المستوى الاخلاقي لهذا القرن، علينا نقد تاريخنا بميزان الاخلاق السامية التي اوصى بها القرآن الكريم والرجوع الى الاصول الإلهية لا لإحياء اخلاق الجاهلية التي لم يستطع العرب الى اليوم التخلص منها.

كتب في قسم مقالات دينية متفرقة | تاريخ 25 فبراير 2015 | الكاتب

الخمس الكهنوتي

الخُمس هو احدى الضرائب الاسلامية التي نص عليها القرآن الكريم في سورة الانفال (اعلموا انما غنمتم فان لله خُمسه) ومقدارها عشرون بالمائه من الغنائم، وماذهب اليه مفسرو السنة هو ان الخمس يُجبى فقط من غنائم الحرب، وهذا التفسير يعود لسببين، الاول وهو ورود النص في سوره الانفال اي الحروب، والسبب الثاني هو ظاهر النص وهو ‘ما غنمتم’، اذن فهو من ‘غنائم الحرب’ فقط، على عكس ما ذهب اليه مفسرو الشيعة الذين لم يعتمدوا على ظاهر النص كما في الكثير من الايات، فمثلاً قوله تعالى (فمن كان فيها اعمى فهو في الاخرة اعمى واضل سبيلا) فظاهر الاية هو ‘اعمى البصر’ والحقيقة هي ‘اعمى البصيرة’، كما هو معروف، وكذلك باعتبار ان القرآن نزل لكل زمان وليس لزمن الحروب فقط، وله ظاهر وباطن، وهو حمّال اوجه، وكذلك فيه آيات محكمات واخرى متشابهات، ومنها الناسخة والمنسوخة الخ.. حيث فُسرت الغنيمة في غير وقت الحرب بأنها ‘وارد او دخل’ يحصل عليه المرء، فعندهم رواتب الموظفين وموارد التجارة كلها تخضع لهذا النظام، وكأيٍ من القوانين التشريعيه في النظام الاسلامي نرى في الخمس اداة لتكافل اجتماعي متطور، حيث تؤخذ هذه النسبة الغير هيينة من المقتدرين ليس لاعطائها للمحتاجين فقط، بل من اجل ايجاد مشاريع تنموية يستفاد منها المجتمع باسره، من خدمات عامة الى طب وتعليم ورعاية لكبار السن وتخصيص رواتب للاُسر التي فقدت معيلها، الى آخره من واردات كثيرة لهذا الكم الهائل من الاموال. ومن هذا النظام وبنفس النسبة تقريباً استمد العالم الحر على الاغلب نظامه الضريبي والذي يعتبر من اهم الاسس لتقدمه، وبطبيعة الحال اذا أُخذت من الشخص ضريبة من قبل دولة ما، بما يعادل مقداره فسوف يسقط وجوب الخمس عنه، ويكون اختيارياً وطوعياً لمن يتمكن على اخراجه مرتين من دخله.

هذا بالاظافة الى الصدقات والخيريات الكثيرة الاخرى، وهناك عند الشيعة ضريبة اخرى وهي رد المظالم، اي لو ظَلمتَ انسان واردت التكفير عن تلك الظليمة، فما عليك الا ان تدفع لرجل الدين مالاً يُحدده رجل الدين نفسه ليرضى عنك الرب ويغفر لك، وكذلك ان كانت هذه تصب في الصالح العام فلا بأس بها، وهذه الضريبة يمكن تشبيهها بضريبة القيمة المضافة (VAT) في اوروبا، حيث لا يبقى محتاج عندنا الا وتلقى المساعدة، ولا يتيم الا وكُفِل اجتماعيا، ناهيك عن مشاريع اروائية وخدمية من صحة وتعليم وامور كثيرة لاحصر لها ولا عدد، ولكن ماحصل على ارض الواقع هو العكس تماماً، بل هو كارثة كبرى واهدار ونهب ممنهج للمال العام، فنرى دائماً حين يتوفى مرجع التقليد الذي تدفع له كل تلك الاموال والذي هو موضع ثقة المؤمنين، تبقى تلك الاموال الطائلة عند ورثته!

اي لا تنتقل الى المرجع الجديد، فتبقى كل هذه الميزانية الضخمة تحت تصرف ابنائه او اصهاره من اموال منقولة وغير منقولة، ورأينا في العقدين الماضيين كيف تصرف أولائك الابناء والاصهار ‘باموال الحقوق الشرعية’، فأموال النقد من الصعب جدا ان يُعرف مصيرها، فهي موزعة في بنوك عواصم مختلفة من الهند الى دول الخليج الى لبنان واوروبا والامريكيتين، وبأسماء مختلفة لابناء او اصهار او وكلاء مقربين، اما العقارات المَلَكية الفاخرة التي تملأ اصقاع الارض فغالبا ماتكون باسماء الورثه الشخصية، الا القِلة منها تُدار بواسطة لجان الاوقاف او ما يعبر عنه بـ(trustees) مثل المراكز والمدارس الاسلامية وبعض الحسينيات. فكل شيء ينتهي بوفاة المرجع الديني، عشرات السنين من جمع الاموال الطائلة كلها تنتهي كما ينتهي الفيلم السينمائي. ومن ثم ياتي المرجع الجديد وحوله تلك الحاشية الكبيرة (من اولاد واصهار واحفاد) المتعطشة للمجد والرخاء السريع بعد ان كاد الحسد على العائلة الكهنوتية التي سبقتها في الرخاء والثراء ان يقتلهم، ويبدأ مسلسل جمع الاموال الطائلة لسنين كي ترتوي شجرة العائلة الظمآ، ومن ثمة يموت المرجع رحمه الله ويأتي الاخر.

وهكذا ضاعت اموال الشيعة لمئات السنين ولم نرَى اياً من تلك المشاريع او الخدمات او الكفالة الاجتماعية التي فرض الله من اجلها تلك الضرائب الاسلامية، والدليل على ذلك هو كثرتْ مشاريع التسول الحديثة (الگدية) او ما يزوق لفظيا وباللغة الانكليزية (charity) والتي اغلبها تتم تحت اشراف تلك العوائل السماوية لاضفاء الشرعية والمصداقية عليها، ويبدأ هاذا المُسلسل المُذِل والمُهين للانسانية من جمع للملابس الرثة والمستعملة وبعض الصدقات التي تجود بها بعض الايادي. وهنا يمكننا ان نقوم بمقارنة مع مؤسسة كهنوتية مشابهة ألا وهي الفاتيكان التي هي على العكس من المرجعية من ناحية النظام المالي، حيث تتجمع اموالهم الطائلة في حسابات لن يمسها لا الپاپا ولا اي بشر سوى لجان وكوادر متخصصة وبشفافية ومراقبة عاليتين، لذا فأن الفاتيكان اليوم من اغنى مؤسسات العالم على الاطلاق، ليس فقط لان نفوس الكاثوليك اكثر من نفوس الشيعة، لكن لأن المؤسسة الدينية عندهم منضبطة بقوانين صارمة، لا يتدخل فيها الابن او الداماد (اي الصِهر)، فالپاپا المسكين لا ولد له ولا بنت ليكون له صهر، فالمؤسسة الدينية عندنا اشبه بما يعبر عنه بـ(family business) اي المصلحة التجارية العائلية، فوالله ان كانت المؤسسة المالية الشيعية منظمة وشفافة، واستُثمرت تلك الاموال بشكل صحيح لكانت اليوم تصل ارقامها الى حد الذهول، ولا يبقى اي مسلم محتاج على وجه الارض، فضلاً عن الشيعة الذين أُشبعوا ذلاً وهوانا، واذا اردنا ان نحسب وبطريقة بدائية جدا ً(اي حساب عرب) بأعتبار ان معدل نفوس الشيعة في العالم هو مايُقدر ب 300 مليون نسمة، واذا كان عدد الملتزمين والمقتدرين منهم على دفع الخمس هو الثلث كحد ادنى، اي حوالي المائة مليون انسان والمبلغ المدفوع يتراوح بين 100$ في العام كحد دون الادنى بكثير، الى عشرات الملايين من الدولارات في العام خصوصا من قِبل الاثرياء، فعلى سبيل المثال دفعت احدى العوائل الهندية في سبعينيات القرن الماضي مبلغ عشرة ملايين دولار لاحد كبار المراجع ‘كخمس سنوي تصالحي’، اذن فالمعدل هو عدة آلاف من الدولارات في العام واذا ضربنا المبلغ في مائة مليون شخص فالنتيجة هي مبلغ يتعدى ميزانية الدول النفطية!

فأين هي تلك الاموال يا امة الاسلام المغلوبة على امرها؟؟ تلك الاموال التي تجمع بأسم صاحب الزمان، وستجد هناك من يقول لك ألم يبنوا المدارس الحوزوية في الهند وفي افريقيا، ومستوصف هنا وهناك او مبنى للسكن في قم، او مبرّة للايتام في لبنان، فكل هذا كقطرة في بحر بالنسبة لحجم الاموال المستحصل عليها وان كان ذلك حقيقةً فأين هي الشفافية واطلاع ابناء الطائفة على امورهم المالية، ام ان الشفافية هي مستورد غربي لذا فهي حرام! الا تعتقد ايها القارئ الكريم، ان السكوت على هذا فيه معصية لله تعالى ومخالفة للقرآن الكريم؟ اِذَن لماذا نخاف الاصلاح؟ ومن قال بوجوب دفع الخُمس للمراجع؟ وكيف آلت اليهم تلك المهمة وبأي دليل؟ القرآن الكريم لا يقول ذلك اطلاقاً، ومن قَسّمَ تلك الضريبة المظلومة الى سهمين متساويين، سهم للامام الغائب الذي هو لهم كونهم ‘وكلاءه’، والاخر للسادة الهاشميين، وبما ان اغلبهم من السادة الهاشميين فبالتالي هو ايضاً لهم ! كون السادة الهاشميين حُرمت عليهم الصدقة المُذلة واستبدلها الخالق العادل لهم بالخمس! وجعل غالبية فقراء الشيعة يتنافسون على مبالغ مهينة غير مُلزمة وقليلة وهي الصدقة، ولشريحة لا تكاد نسبتها تذكر انزل بحقهم آية كريمة واعطاهم عشرة بالمائة من مداخيل الشيعة، اي نصف حقوق الطائفة تذهب لواحد في المائة فقط من عدد الشيعة والتسع وتسعون بالمائة الاخرى لهم النصف الاخر! هل هذا من الله تعالى؟ الذي العدل هو من اول صفاته؟ ومن لا يؤمن بعدل الله فهو غير مسلم، وحاشا لله من هذا الكفر الصريح بذاته وبجلاله، فهذه هي العبثية التي لا يرضاها اي عرف او شرع فضلاً عن الدين الاسلامي المتكامل. ايها الشيعة!

افيقوا من سباتكم، فاموالكم اصبحت نهباً ومذهبكم في خطر، والخطر الداخلي دماره اكثر بكثير من الاخطار الخارجية، الا يخطر على بالكم يوماً ان تتحروا او تستفسروا؟ انا متأكد بانهم سوف يكفرونكم كما كفروا غيركم، ولكن لا تخافوا فنهاية كل تكفيري قريبة بأذن الله، فهذا القرآن الكريم بين ايديكم خذوه حجة لتعبدوا به الله ولا تتبعوهم، نعم الخمس مذكور ولكن تقسيمه بهذه القسمة الضيزى واعطائه بيد من ثبت تورطهم بالعبث والاستئثار الشخصي والعائلي به، لهو استهتار بالدين كله، فالاصلاح ليس بعيب او حرام، اصلاح لنظام قديم جدا عُمِل به لمئات السنين ولم نرى الفائدة او النتيجة المرجوة منه والتي انزل الباري تعالى كلامه من اجلها، اليوم هو عصر التحديث (reform) اي اصلاح، حيث نرى ان برامج عالية التقنية وحديثة لا يمر شهر الا و جُدِدت مرات ومرات، انا لا اقول بتحديث القرآن الكريم والعياذ بالله، فهاذا ليس هو المقصود، لانه كما قلنا هو دستورنا لكل زمان، ولا بتحديث التفسير وان كان هذا ليس بحرام، ولكن لانه تفسير صحيح للآية ويقبله العقل والمنطق، بل اقول بتحديث واصلاح نظام جمع الحقوق الشرعية الفاقد للصلاحية، كيف؟

هذا من اختصاص كوادر اقتصادية متخصصة، الذي بدوره سيسحب البساط من تحت ما يسمون بوكلاء جمع الاخماس الشرعية الفاسدين، الذين هم كالبعوض الذي يمتص دماء الابرياء الحيوية ليحقنهم بدلها جراثيم قاتلة، والذين اغتنوا على حساب ضعفاء الشيعة. فالضرائب اليوم هي من اهم سمات العالَم المتحضر، ونرى ان دافعي الضرائب يتباهون ويفتخرون بأن من اموالهم وجهدهم وعرقهم يتكافل مجتمعهم ويتطور بحيث لو فقد احد دافعي الضرائب دخله لسبب او لاخر فأن كرامته محفوظة من تأمين صحي وراتب له ولعياله، وان كان اقل مما كان يستلمه اثناء عمله لكنه يعينه خلال فترة البحث عن عمل آخر، وكذلك يُدفع له اجار داره ان كان مستأجراً او اقساط البنك ان كان مالكاً، واذا كان مريضا فيكون الراتب اعلى بكثير، ما اردت قوله هو ان كرامته وكرامة اسرته محفوظة، تلك الكرامة التي وصفها نبينا الكريم (ص) بأنها اهم عند الله من الكعبة المشرفة ! الله اكبر، ما اعظمك يا رسول الله! وما احوجنا اليك اليوم

كتب في قسم مقالات دينية متفرقة | تاريخ 25 فبراير 2015 | الكاتب

الجِزيّة في الميزان

كثر الحديث هذه الايام عن سبب إقرار الجزية في القرآن ، وكذلك نسبتها والمشمولون بها ، فمنهم من قال انها تشمل اهل الكتاب فقط ويستثنى منها المُشركون ، ومنهم من قال انها شاملة لكل من لم يُسلِم .

وإعتقد البعض انها من اجل حماية من يعيش في دولة الاسلام من غير المسلمين ، مصوراً اياها وكأنها بلطجة !
ومنهم من تخبط في نسبتها التي لا وجود لدليل قاطع عليها .
فالطبري قال : أقله دينار وأكثره لا حد له ، لذلك فتحديد تلك النسبة المجهولة والمبهمة تعود الى الحاكم بامر الله اي الخليفة ، كما حددها اليوم الخليفة البغدادي بمبلغ 450-$- شهرياً للشخص الواحد .
واحتجوا بذلك على ما وجدوه في الصُحاح ، والتي يقولون فيها “كل ما في الصُحاح صحيح” .

وهي ببساطة شديدة وحسب جميع تفاسير المسلمين ، اذلال وتحقير لمواطنيين غير مسلمين ، يعيشون في ظل الدولة الاسلامية ، كعقوبة لهم بسبب رفضهم الدخول في دين الحق كما يصفه القرآن .

هذا هو نص الاية من سورة التوبة :
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يُحَرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

اي القتال اولاً ، ومن ثم وبعد ان يستسلم ذلك العدو ، حينها يُخَيَّر مابين الدخول في دين الحق او الجزية المذلة .

وقوله : ( حتى يعطوا الجزية ) أي : إن لم يسلموا ، ( عن يد ) أي : عن قهر لهم وغلبة ، ( وهم صاغرون ) أي : ذليلون حقيرون مهانون ، ويعطوها وهم واقفون والمستلم المسلم يكون جالساً ، وفي هذه الاية نجد بيت القصيد .

فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين ، بل هم أذلاء صغرة أشقياء ، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رض ، أن النبي ص قال : لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ، واظن تفسير ذلك واضح !

هذا ما يخص النص والتفاسير ، اما التأويل الذي فيه روح القرآن المفقودة ، والذي ذكره الله في القرآن قائلاً ؛ ولا يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم ، فنجده مهملاً كونه يختلف تماماً عن جميع تلك التفاسير والاحاديث الموضوعة ، بل ويضرب بها عرض الجدار .

هذا بعض مما ذكره التاريخ الاسلامي في هذا الخصوص ، وهو ما كتبه نصارى الشام للخليفة الثاني عمر بن الخطاب رض مقابل صلحهم مع الدولة الاسلامية ، من خلال حديث موقوف لعبد الرحمن بن غنم .

اشترط عليهم الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رض تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم ، وذلك مما رواه الأئمة الحفاظ ، من رواية عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال : كتبت لعمر بن الخطاب رض حين صالح نصارى من أهل الشام :

“بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا ، إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا ألا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ، ولا قلاية ولا صومعة راهب ، ولا نجدد ما خرب منها ، ولا نحيي منها ما كان خطط المسلمين ، وألا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل ، وأن ينزل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم ، ولا نئوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسا ، ولا نكتم غشا للمسلمين ، ولا نعلم أولادنا القرآن ، ولا نظهر شركا ، ولا ندعو إليه أحدا ؛ ولا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه ، وأن نوقر المسلمين ، وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس ، ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم ، في قلنسوة ، ولا عمامة ، ولا نعلين ، ولا فرق شعر ، ولا نتكلم بكلامهم ، ولا نكتني بكناهم ، ولا نركب السروج ، ولا نتقلد السيوف ، ولا نتخذ شيئا من السلاح ، ولا نحمله معنا ، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ، ولا نبيع الخمور ، وأن نجز مقاديم رءوسنا ، وأن نلزم زينا حيثما كنا ، وأن نشد الزنانير على أوساطنا ، وألا نظهر الصليب على كنائسنا ، وألا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيا ، وألا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين ، ولا نخرج شعانين ولا باعوثا ، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نجاورهم بموتانا ، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ، وأن نرشد المسلمين ، ولا نطلع عليهم في منازلهم” .

فللذي لا يعرف معنى الجزية ، لا يضيع وقته محاولاً تزويق معناها واخراجها عن مضمونها الحقيقي .

كتب في قسم مقالات دينية متفرقة | تاريخ 25 فبراير 2015 | الكاتب

الحج .. ما بين العبادة والتجارة

الحج .. ما بين العبادة والتجارة

عند سماع عبارة “تجارة الحج” سرعان ما يتبادر الى الاذهان التجارة بمعناها الحقيقي ، اي عملية التصدير والاستيراد للبضائع وتبادلها بصورة عامة ، ومن ضمنها التهريب او (القچغ) بالعراقي ، لكني اليوم ابحث في تجارة من نوع آخر ، غير خاضعة لاي جمارك او ضرائب كونها تجارة دينية روحانية عاطفية غير معلنة .

تشرفنا بحج بيت الله منذ اعوام خلت ، لنحط رحالنا في مدينة الرسول المنورة ، وكان معنا في الحملة البريطانية حوالي العشرة او اكثر بقليل من المعممين ، شي ابيض وشي اسود (منهم من يشترك اليوم في حكم عراق الدم ) ، وفي اول يوم كنا نهم للخروج من الفندق لزيارة قبر الحبيب (ص) ، عرجنا على غرفة يسكن فيها اثنان منهم لطلب مرافقتهم في اول دخول لنا على حضرة النبي (ص) ، فرفضوا الخروج وآثروا البقاء ، وعندما سألتهم عن السبب اجابوا بسخرية الجو حار !

ظننتهم للوهلة الاولى انهم يمزحون ولكنهم كانوا جادين في كلامهم ، وقالوا نحن ولله الحمد حجينا واعتمرنا عشرات المرات ولكن جئنا لنعلمكم الاحكام والواجبات .

خرجنا للزيارة مع مجموعة من الاخوة الحجاج الاعزاء ، وانا تدور في رأسي اسئلة كثيرة ، هل فعلاً تحتاج كل حملة حج صغيرة الى كل هذا العدد من المعممين ؟
كونهم يأخذون مكان غيرهم ممن لم يؤدي الفريضة بعد ، وبما انهم معفيون من اجور الحج الباهضة ، بالتالي فإن مصاريفهم ستقسم علينا !

حتى اكتشفت امراً في غاية الاهمية ..
لعله في اليوم الثاني او الثالث التقينا صدفة اثنين منهم في مصعد الفندق كانوا يهمون الخروج لا اعلم الى اين ( كونهم من المفروض ان يكونوا معنا في كل مكان ) وهم يلبسون اللباس الرسمي ومتعطرين بالعطور “الحلال” ، واذا باحدهم يقول للاخر باللغة الفارسية كي لا يفهمهم احد “كم تراهم دافعين لنا”؟ فضحك الاخر ولم يجبه كونه يعلم باني افهم الفارسية ، وبادرت بالقول لذلك المعمم السائل (حرف نَزَن حاج اغا) اي لاتتكلم سيدي الحاج ، لنضحك جميعاً .

بما انني ولدت فضولياً لذلك بحثت في الموضوع جيداً لتتضح لدي بعض الحقائق المذهلة ، فاكتشفت بانهم كانوا ذاهبين الى بعثة علي الخامنائي الايرانية .

لأفهم كذلك تباعاً ان سفرهم كل عام الى الحج والمرات العديدة الى العمرة هو ليس من اجل اداء الفريضة ، او من اجل توضيح الحلال والحرام للبسطاء من امثالنا كما يدعون ، بل من اجل التجارة ! وهذا هو بيت القصيد ومن هنا تبدأ الحكاية ..

كما هو معروف ان كل مرجع من مراجع التقليد يفتَتِح له مكتباً في الحج اسوة بباقي المراجع الاخرين ويسمى “بالبعثة”.

ذهبت مع احد الاصدقاء من المشايخ الكبار الذي احترمه لتقواه وزهده الى شارع في المدينة المنورة يسمى بشارع البعثات نسبة لبعثات المراجع الموجودة فيه .

لارى شئ مذهلاً وكأني في معرض بغداد الدولي ، حيث اليافطات المخطوطة الكبيرة مُعَلقة على مداخل المباني التي تضم مكاتبهم ، فهذه تقول هنا بعثة المرجع فلان ، والاخرى تدل على مرجع آخر وهكذا ، وترى المعممون يدخلون فيها افواجاً ويخرجون وهم يسبحون بحمد الله وكانه يوم المحشر ، حيث ترى اغلبهم متوتر المزاج مكفهر الوجه لا يعلم كم هو المبلغ داخل الظرف الذي حصل عليه ، ويسمى ذلك الظرف بالعرف الحوزوي (الباكيت) بتشديد الياء .

والسبب من وراء كل تلك البهرجة “الايمانية” هو ان اولائك المعممون الذين اغلبهم من الخطباء وائمة الجمعة في قصباتهم واحيائهم ومدنهم حول العالم ، الذين لو استلموا باكيتاً سميناً سيردوا ذلك الجميل بالتبليغ لذلك المرجع السخي عند العوام المساكين ، من اجل ان يقلدوه وبالتالي يدفعوا له خُمس ارزاقهم ، بالاضافة الى ضريبة رد المظالم وكذلك الهدايا الخاصة .

وحجم ذلك الباكيت هو بحجم ذلك المعمم ، اي لو كان لديه حضور جماهيري واسع بسبب تمكنه من فن الكلام والاقناع اي صاحب كاريزما ، فباكيته يكون من السمن بحيث لا يسعه جيب واحد ، وإن كان اعزباً وغير محتاج .
اما اذا كان العكس ، اي لا كاريزما ولا يحزنون وبعرفهم يسمى (خريش) ، فباكيته لا يساوي ثمن الظرف الذي وضع فيه وإن كان معيل لاسرة كبيرة ومحتاج .

وكيف يعرف ذلك المسؤول عن تلك البعثة (( والذي يكون في الغالب ليس المرجع نفسه الذي لا يظهر “للعوام” او يجالسهم او يتجاذب معهم اطراف الحديث فتذهب هالته وقدسيته ، بل غالباً ما يكون احداً من اولاده او اصهاره، وانا رأيت بام عيني غرف خاصة في تلك البعثات لاستقبال ضيوف ال VIP )) حجم كل واحد من اولائك المعممين الداخلين عليه بافواج كبيرة يومياً ؟

ذلك يتم عن طريق جهاز امني غير معلن ، والذي هو عبارة عن شبكة معقدة جداً من المعممين المقربين من ذلك الابن او الصهر ، واجبهم هو الاستفسار والاستقصاء عن الخطباء في كافة انحاء العالم ، وكذلك من واجباتهم معرفة الاغنياء من كبار التجار من اجل تميزهم عن “الغث” من باقي ضيوف الرحمن ! والتي هي مهمة شاقة جداً لكنها بنفس الوقت مربحة جداً ، لذلك فلها رجالها .

اذن ، فهو استثمار تجاري حقيقي كون حجم الاموال المتداولة فيه ليست بالملايين بل بالمليارات ، لانها تشكل خمس مدخرات الشيعة وايراداتهم الضخمة في كافة انحاء المعمورة والذي جاوز عددهم ثلاث مائة مليون .

ولكن .. البضاعة التي تُسَوّق في هذه التجارة البائرة ، هو دين محمد (ص) ونهجه ونهج آله الطيبين الطاهرين (ع) وصحبه المنتجبين (رض) ، ذلك النهج العظيم الذي اصبح سلعة تباع وتشترى بصكوك الغفران الكهنوتية ، فهل نرضى بذلك ؟!

كتب في قسم من فقه التأويل | تاريخ 24 فبراير 2015 | الكاتب

الحلقة 31 جواز اكل الجيلاتين الحيواني

كثر الحديث في السنوات الاخيرة وخصوصاً في بلاد الغربة ، عن الجيلاتين الحيواني “الغير حلال” وكأن المسلمون لا ينقصهم من همومٍ ومعرفة سوى ذلك !

ما هو الجيلاتين ؟

هو مادة غذائية عادة تُستخرَج من عظام الابقار والخنازير ، بعد ان تمر في مرحلة الاستحالة .

نعم يجوز اكل الجيلاتين سواء المستخرج من عظام الابقار الغير مذكاة شرعياً ، بل وحتى المستخرج من عظام الخنزير ، كونه يمر بحالة الاستحالة .

ماهي الاستحالة ؟

هي عملية كيميائية تتحول من خلالها المادة من حالة الى اخرى ، بحيث تفقد تلك المادة جميع خواصها الاساسية ، على سبيل المثال الخل الذي يمر بمرحلة من مراحله بالتخمير ، اي يكون خمراً قبل ان يتحول الى خل ، وعندها اي عندما يصبح خلاً ، سيفقد جميع خواص الكحول المسكرة .

مثال آخر ،، لو دفنا كلبا ميتاً او خنزيراً ميتاً ومتعفناً وملؤه البكتيريا الضارة ، في كمية كبيرة من الملح (مايعبر عنه ببحر الملح) ، وتركناه لفترة من الزمن ، سيتحول هذا الكلب او الخنزير الى ملح صالح للاستهلاك البشري ، ولا وجود للمادة الاساسية وهي الكلب او الخنزير بعد ذلك وتحولها الى ملح عادي ، وهذه كذلك هي الاستحالة .

كذلك كل معاجين الاسنان تحتوي على نسب معينة من مواد تشبه الجيلاتين مستخرجة من نفس تلك الحيوانات ، والتي هي عمدة الصناعات الطبية والغذائية والتجميلية والدوائية الخ.

فهل نتوقف عن الحياة وديننا هو دين العصور كلها ؟ والله سبحانه وتعالى سهل لنا الحياة التي يريد البعض ممن امتهن الدين ، ان يصعبها علينا ويخيفنا من اجل الابتزاز المالي .

إذن يجوز اكل الجيلاتين بكافة انواعه ، سواء كان من عظام الخنزير او الابقار الغير مذكاة ، كونه يمر بالاستحالة كما ذكرنا .

واقول لكل اولائك الذين امتهنوا الدين وسموا انفسهم “بالفقهاء” ان يتقوا الله في اموال المسلمين ، ولا يفتوا بتحريم او تحليل لاسباب ربحية لهم او لمؤسساتهم المشاركة في بعض مصانع الاغذية “الحلال” !

في الديانة اليهودية لا يسمح باستعمال كل تلك الاطعمة الا اذا كان الجيلاتين المستخدم فيها (كوشر) اي الحلال ، كونهم لا يعتقدون بنظرية الاستحالة .

وكذلك المؤسسات الدينية عندهم مرتبطة ارتباطً وثيقاً بمصانع اغذية (الكوشر) ، ولها نسب كبيرة من ارباح تلك المنتوجات التي تباع باسعار باهضة الثمن .

رجاءاً ايها السادة الكرام انتبهوا جيداً ولا تصدقوا كل ما يقوله الفقهاء ، وابحثوا واطلعوا جيداً من اجل الوصول الى الحقائق ، فالحياة هي ليست فقط بحوث جيلاتينية استمرينا فيها لقرون من الزمن وسنستمر بها الى ماشاءالله ، ولكن هناك بحوث في التكنولوجيا الصناعية والزراعية وبحوث في الطب وعلم الادوية نحن في امس الحاجة اليها ومتخلفون عنها كثيراً .

كتب في قسم من فقه التأويل | تاريخ 24 فبراير 2015 | الكاتب

الحلقة 30 ولاية المرأة في الاسلام

للمرأة في الاسلام ولاية كاملة ومطلقة ، على نفسها او على غيرها ، ولا من نهي او تحريم من كتاب الله تعالى على ذلك .

بل هي كالعادة اما تفاسير وتأويلات خاطئة ، او أحاديث منسوبة للنبي الاكرم ص .

نعم إن كان الشخص الوحيد الذي يعمل ويُطعم في الاسرة هو الرجل ، فبطبيعة الحال ستكون كلمة الفصل له ، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة ، أو ان يشترك الرجل والمرأة في القرار الأُسَري ، وذلك هو ألأولى ، فالسلطة كما هو معروف تكون غالباً بيد صاحب المال .

الآيات الشريفة التي استنتج الفقهاء منها عدم جواز ولا ية المرأة :

بسم الله الرحمن الرحيم

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ..

فكلمة قوّامون لا علاقة لها بالولاية العامة او القضاء على الاطلاق ، بل هي لا تعدو كونها القوة الجسمية في ذلك المجتمع الذي كانت الحروب والغزوات طابعه الرئيسي ، وبالتالي فهو التفوق الاقتصادي الذي غالباً ما يكون ، والذي عبرت عنه الآية الشريفة بأنفاق الاموال .

وكذلك قوله تعالى في الآية 288 من سورة البقرة

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ .

ايضاً فالمعنى لتلك الدرجة هو فيما يخص القوة في القتال والغزو ، والتي هي ايضاً لاعلاقة لها بالولاية والقضاء .

فمجتمعات ذلك الزمان كانت فيها المرأة عنصر ثانوي بسبب تلك الغزوات والحروب التي من اهم آثارها هو سبي النساء ، والاسلام جاء متوافقاً للاعراف المتبعة آنذاك كي يكون مقبولاً .

اما في مجتمعات اليوم الحضارية ، اثبتت المرأة ان لا حدود لابداعها وتفوقها في كافة الميادين ، ان كانت من ناحية القضاء او القيادة السياسية ، بشرط وجود الديموقراطية التي لم تكن معروفة آنذاك .

كتب في قسم من فقه التأويل | تاريخ 24 فبراير 2015 | الكاتب

الحلقة 29 الادعية في الاسلام

اغلب الادعية عند المسلمين هي ادعية منسوبة ، اما للنبي الاكرم ص او لاهل بيته الاطهار ع او الصحابة الكرام رض .

فالدعاء هو ليس لقلقة لسان لكلام منمق اشبه بالسجع او الشعر المقفى ، يُنسَب مرة للنبي ص واخرى للإمام ع او الصحابي رض ، من اجل تسويقه للناس وجعله مقدس يوازي ألآيات القرآنية الشريفة .

بل الدعاء الحقيقي هو اتصال روحي بين المخلوق وخالقه ، بأي لغة كانت وباي صيغة ، بلا اي شروط او قيود لفظية .

فللانسان ان يدعوا خالقه بأي كلام يشاء ، فهو وحده المجيب لدعوى المضطرين .

كتب في قسم من فقه التأويل | تاريخ 24 فبراير 2015 | الكاتب

الحلقة 28 سفر المرأة في الاسلام

المَحرَم للمرأة في السفر لا وجود له في الاسلام ،

وذلك من خلال قوله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .

هنا الآية الشريفة واضحة جداً ، فكونهم مؤمنون ومؤمنات وبعضهم اولياء بعض ، إذن فالرجال والنساء يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وكذلك يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وباقي الاعمال سوية ، فهنا قَرَنَ تعالى الرجال بالنساء في الاعمال وساواهم ، ولم ينوه او يشير الى ذلك المحرم المزعوم ، في السفر او في غيره ، بل اخذوه كباقي احكام الفقه ، من تلك الاحاديث المتضاربة والمنسوبة زوراً وبهتاناً للنبي الاكرم ص ، والتي بينا رأينا في اماكن عدة .

كتب في قسم من فقه التأويل | تاريخ 24 فبراير 2015 | الكاتب

الحلقة 27 الغناء والموسيقى في الاسلام

لاحرمة على سماع الموسيقى والغناء في الاسلام على الاطلاق ، فالله لا يحرم عبثاً ، حاشاه تعالى من العبثية ، بل يحرم الاشياء ان كانت تتسبب بضرر على الانسان ، فأين هو ذلك الضرر الذي ينتج بسبب الموسيقى والغناء ؟

فما بالنا اذا كان هو العكس تماماً ؟ حيث اكدت دراسات علم النفس الحديثة على ان الموسيقى تريح الاعصاب وتخفف من توترها .

لذلك نرى اليوم الكثير من علاجات المعوقين من الاطفال تكون من خلال الموسيقى والغناء .

الادلة الشرعية على الحلّية :

الدليل الأول – كل شئ مبني على الاباحة إلا اذا جاء نص قرآني يحرمه ، وليس هناك آية تحرم ذلك على الاطلاق ، بل هي آية شريفة واحدة لا علاقة لها بفنون الموسيقى والغناء ، استدل منها الفقهاء خطأً دليل تلك الحرمة المزعومة ، والتي لا علاقة لها بباقي الفنون الانسانية الاخرى .

الدليل الثاني – تخبط فقهاء جميع المذاهب في هذا الامر ، فمنهم من حلل ذلك ومنهم من حرمه ، ايضاً من خلال تفسير تلك الآية الشريفة .

اذن إستدل الفقهاء على حرمة الغناء والموسيقى ، من ألآية 6 من سورة لقمان

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِين ..

اولاً – ماعلاقة لهو الحديث بتلك الفنون الفطرية الراقية ؟

ألا يمكنني ان امارس لهو الحديث الضار والعياذ بالله من دون غناء ولا موسيقى ؟

نعم فلهو الحديث كأن يكون كلاماً باطلاً فيه تشهير بالاعراض وقد يؤدي الى فواحش او جرائم ، وبذلك يصبح عذابه مهيناً .

وليس سماع فن المد والترجيع في الصوت البشري والذي يُعَبّر عنه بالغناء ، والذي خلقه الله عند الانسان ليعبر به عن فرحه وحزنه وبقية احواله الاجتماعية بكل سلام ووِد .

ثانياً – عذاب مهين لمن يسمع الموسيقى والغناء ! بل هذا عذاب اعده الله تعالى للكافرين ، والادلة من القرآن الكريم على ذلك كثيرة .

ذكر البارئ تعالى ذلك النوع من العذاب (مهينا) ثلاث مرات في سورة النساء ، وتؤكد الآيات الشريفة على انه للكافرين .

بسم الله الرحمن الرحيم

1- وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)

2- إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)

3-أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)

فهل يستوي عنده تعالى وهو اعدل العادلين ، الكُفر وسماع الموسيقى والغناء ؟

هذا هو تفنيد لدليلهم الخاطئ من خلال سوء تفسير آيات القرآن الكريم .

ادلتهم من الاحاديث المنسوبة زوراً لنبينا الكريم ص :

وقال صلى الله عليه و سلم ؛ صوتان ملعونان، صوت مزمار عند نعمة، و صوت ويل عند مصيبة (إسناده حسن، السلسلة الصحيحة 427)

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ليكونن في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ وذلك إذا شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا بالمعازف (صحيح بمجموع طرقه، السلسلة الصحيحة 2203)

اقول ؛ اذا كانت الاحاديث الصحيحة بمجموع طرقها هي بهذى المستوى ، فما بالنا بالغير الصحيح منها ؟

ادلة اخرى ، كالعادة من احاديث صحيحة !

وروى أبو داوود في سننه عن نافع أنه قال ؛ سمع ابن عمر مزمارا قال ؛ فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي يا نافع هل تسمع شيئا؟ قال فقلت لا ! قال فرفع أصبعيه من أذنيه ، وقال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا حديث صحيح، صحيح أبي داوود 4116).

هل من داعي ان اضيع وقتاً اكثر من هذا ؟

وهذا رأي آخر للفقهاء في تلك المعضلة الكبرى .

“الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد، فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على مقال نشر في الملحق لجريدة المدينة الصادر يوم الأربعاء الموافق 30 \ 9 \ 1420 هـ بعنوان (ونحن نرد على جرمان) بقلم أحمد المهندس رئيس تحرير العقارية ، يتضمن إباحة الغناء والموسيقى والرد على من يرى تحريم ذلك ، ويحث على إعادة بث أصوات المغنين والمطربين الميتين ، تخليدا لذكراهم وإبقاء للفن الذي قاموا بعمله في حياتهم ، ولئلا يحرم الأحياء من الاستمتاع بسماع ذلك الفن ورؤيته .

وقال ليس في القرآن الكريم نص على تحريم الغناء والموسيقى .

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، فقد كان يستمع إلى الغناء والموسيقى ويأمر بهما في الأعياد والمناسبات ، كالزواج والأفراح .

ثم قال وهناك أحاديث ضعيفة يستند إليها البعض في منع الغناء والموسيقى لا يصح أن تنسب للصادق الأمين لتغليب رأي أو منع أمر لا يوافق عليه البعض” .

ثم ذكر آراء لبعض العلماء كإبن حزم في إباحة الغناء .

اذن وبعد ان تأكدنا من عدم وجود دليل على التحريم من القرآن الكريم ، وكذلك بعد ان رأينا تضارب الآراء فيما بين الفقهاء حول صحة تلك الاحاديث التي تُنسب زوراً لرسولنا الكريم ص ، لا يبقى لنا ادنى شك بأن الاستماع الى الموسيقى والغناء حلال .

كتب في قسم من فقه التأويل | تاريخ 24 فبراير 2015 | الكاتب

الحلقة 26 الحدود في الاسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب ..

عبر القرآن الكريم عن القصاص بالحياة لشدة اهميته ، ولكن نوع وتطبيق ذلك القصاص يتغير ويتطور بتطور الزمان ، ففي ذلك الزمان لم تكن سجون ومحاكم قضائية وجنائية متطورة بالشكل التي هي عليه اليوم ، فكان الجلد وقطع اليد مكان السجن ، وقطع الرأس هو بمثابة الاعدام .

ويجوز من خلال احكام القرآن الكريم ، تطبيق حكم الاعدام في حالات خاصة كالقتل العمد مع سبق الاصرار والترصد ، ولكن بعد التمحيص الجيد والنظر بتلك القضايا في المحاكم العليا المختصة ، والذي يوكل امر مثل تلك الاحكام الى المختصين في مجال القضاء والاصلاح الاجتماعي والطب النفسي ، كل وحسب اختصاصه ، لكي لا يقع الخطأ الفادح بإعدام برئ والعياذ بالله .

اما القتل الخطأ فهذا تحدده المحاكم ، فإن ثبت لديهم ذلك فلهم ان يسجنوه حسب القوانين العرفية المتبعة .

ولا يمكن ان نطبق شرع (تحرير رقبة مؤمنة) كون ذلك غير موجود اليوم في مجتمعاتنا ، اما الدية فهذا ما يقر به الشرع والعرف .

اما قطع يد السارق المذكور في القرآن الكريم ، فهو لا يتم إلا في ظروف اقتصادية واجتماعية ممتازة ، وحينها لا تكون سرقة بالمعنى المعروف .

اذن فمعنى اقطعوا ايديهما لا يطبق سوى في تلك “المدينة الفاضلة” .

اما ما يخص بعض الاحكام التي نجدها في بعض الكتب العفنة من التاريخ الاسلامي كالرجم والحرق والرمي من شاهق وهدم الجدار على الانسان ، فتلك امور بربرية موضوعة حاشا لكتاب الله الكريم ونبيه ص ان يقولون بها ، لذلك لا تستحق الخوض بها .